سلطان بن محمد المالك
كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- إبان عمله أميرًا لمنطقة الرياض وبحكم ثقافته الواسعة وإطلاعه يدرك مشكلة الإعلام الخارجي الدولي وتحيزه في ظلم المملكة ومحاولة تشويه سمعتها، لذلك تبنى في الثمانينات فكرة (معرض الرياض بين الأمس واليوم) الذي يقدم حقيقة المملكة للعالم الخارجي، وتغير اسمه بعد فترة من نجاحه ليصبح (معرض المملكة بين الأمس واليوم)، حرص الملك سلمان على أن يدور المعرض حول أهم العواصم الأوروبية والولايات المتحدة، ونجح المعرض في تحقيق كثير من أهدافه. وكان ذلك أحد بدايات تسويق السعودية للعالم. المشاريع الجديدة والكبيرة في المملكة مثل نيوم والقدية والبحر الأحمر والعلا وبوابة الدرعية وغيرها تحظى باهتمام مباشر من مقام خادم الحرمين الشريفين، وهو من أعلن أو افتتح بعضها.
كما تميزت جولات ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- لعدد من الدول بأنها لم تقتصر على الجانب الدبلوماسي السياسي الرسمي، بل جمعت معها العديد من الفعاليات والمناسبات والمناشط المختلفة بطابع ما نطلق عليه الدبلوماسية الشعبية، فقد شملت رحلات سموه القيام بزيارات لجامعات ومراكز بحثية وشركات وعقد لقاءات ثنائية مع شخصيات متعددة مهتمة في الجوانب الدينية والتعليمية والإنسانية والإعلامية والتقنية والتجارية بعيدة كل البعد عن السياسة. ومن خلال مثل تلك اللقاءات والزيارات يتم إعطاء انطباع إيجابي عن الصورة الذهنية الإيجابية التي نريد العالم أن يراها عن وطننا الغالي المملكة العربية السعودية، وفيها تسويق بشكل غير مباشر لمملكتنا الغالية. وقد نجح سموه في إبراز مكانة المملكة وثقلها الكبير على المستوى الدولي، ووضح ذلك جلياً من خلال الاهتمام الرفيع الذي حظيت به جولاته من رؤساء وقادة العديد من الدول والوسائل الإعلامية العالمية. وبالتزامن مع برنامج زيارات سمو ولي العهد؛ تشارك عدد من الجهات الحكومية بدور رائع لتنفيذ الدبلوماسية العامة من خلال عقد اللقاءات الثقافية والعلمية والإعلامية أو لقاءات الاستثمار والمال مع النظراء في تلك الدول.
وزارة الثقافة ومن ضمن أبرز أهدافها الرئيسية نشر الثقافة والتراث والفنون من أجل تعزيز مكانة المملكة الدولية، لديها إستراتيجية وخطط عمل طموحة جدًا نحو تسويق وإبراز ثقافة وتراث وفنون السعودية للعالم الخارجي، فقد تحدث سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود مع إطلاق إستراتيجية الوزارة، مؤكدًا أهمية إبراز ما تكتنزه المملكة من فنون وثقافات وآثار، ومن بينها العلا وبوابة الدرعية وغيرها من مواقع الجذب السياحية في المملكة.
وكنا قد شاهدنا قبل أيام إطلاق هيئة السياحة لحملتها التسويقية في الداخل والخارج لتسويق التأشيرات السياحية، وكان من ضمن وسائل تسويق الحملة ظهور المسؤول الأول معالي رئيس مجلس إدارة الهيئة للحديث المباشر المنقول عبر العديد من القنوات العالمية لإطلاعهم على تدشين التأشيرات السياحية وبدء العمل بها في المملكة، ومبدياً ترحيبه بالعالم من خلال هتاف «أهلاً بالعالم».
وهذه الأيام نحن نعيش ثمرات نجاح تسويق المسؤول لمنتجه، فقد نجح موسم الرياض قبل أن يبدأ، حيث قام معالي المستشار تركي آل الشيخ المسؤول الأول عن موسم الرياض بجهود كبيرة وغير مسبوقة في التسويق لموسم الرياض بشكل احترافي ومبسط من خلال استخدامه لحساباته في شبكات التواصل الاجتماعي وتواجده المستمر وفي كل لحظة في الفعالية.
لقد تعلمنا في التسويق أن كل من يعمل في المنظمة يعتبر مسوقًا لها، الأمر نفسه ينطبق على الوطن، فكل مسؤول أو مواطن يعد مسوقًا لوطنه في أفعاله وتصرفاته وأقواله داخل المملكة وخارجها. هذا الأسلوب في التسويق يعد أسلوبًا ناجعًا ومؤثرًا وغير مكلف مقارنة بأساليب التسويق التقليدية والتي تعتمد على الإعلانات المكلفة. ولكي ننجح في الداخل والخارج، علينا أن نؤمن بأننا جميعًا مسوقون للوطن وعلينا مسؤوليات كبيرة أن يكون تسويقنا يليق بمكانة وطننا الغالي.