د.عبدالعزيز العمر
ربما كان يجب عليَّ أن أضيف إلى عنوان هذه المقالة مفردة «بالضرورة»، ليصبح العنوان كالتالي: «توفر المال لا يعني بالضرورة تطور جودة التعليم»، وهنا لابد أن أوكد من جهة أخرى أن عدم توفر المال الكافي لتمويل التعليم سوف يلحق - بالضرورة- الضرر بجودته ويجعله قاصرًا عن تحقيق أهدافه. وأذكر في هذا الشأن أن طلاب دولة فقيرة مثل غانا حققوا إنجازًا يفوق ما حققه طلاب دولة غنية مثل جنوب إفريقيا. في العقود الماضية مرَّ على تعليمنا سنوات سمان كان خلالها يحصل على تمويل يسيل له لعاب أي نظام تعليمي، ومع ذلك لم نلحظ - كآباء ومهتمين بالشأن التربوي- تغيرًا ملحوظًا في مستوى أداء تعليمنا (مقاسًا بحدوث تغيرات نوعية في إنجازات طلابنا). هنا يثور السؤال الكبير التالي: لماذا لم يظهر أثر تصاعد ميزانيات التعليم على جودته، أين كان يذهب المال؟ في تصوري الشخصي أن تبدُّل المشروعات التربوية والتراجع عن بعضها قد يكون سببًا في تبديد المال التعليمي، أذكر أن مشروعًا تعليميًا تم إقراره على مستوى مدارس المملكة، وأتذكر أن هذا المشروع تطلب تجهيز مختبرات علمية متقدمة. بل أذكر أن مختبر أحد المقررات (ميكانيكا الموائع) كلف مبالغ باهظة، ولكن -للأسف- بعد فترة قصيرة من الزمن تم التراجع عن المشروع. ومما قد يكون أسهم في عدم استخدام المال التعليمي بصورة فعالة ضعف آليات المحاسبية والمساءلة عن أي إنفاق تعليمي. أذكر أني قابلت في كندا شابًا أردنيًا (ما تسرح به الغنم)، وحدثني هذا الشاب عن عرض تلقاه من مشروع تعليمي لدينا، وطلب مني أن أتواصل معه لإفادته إن كان مخصصه الشهري يغطي تكلفة تعليم أبنائه. قلت في نفسي ليتني أحصل على مثل هذا العرض الذي تلقيته أنت.