لست هنا بصدد الحديث عن التنجيم والعياذ بالله، إنما بصدد الحديث عن الإعلام الذي يوصّف بأنه السلطة الرابعة. ويصنفه الكثير من الكتاب والسياسيين وذوي الشهادات العليا، بأنه السلطة الأولى!
هذا الاختلاف بالتوصيف نابع من أهمية الإعلام في تشكيل الوعي الاجتماعي، الذي يكمن في أساس التحولات الاجتماعية الكبرى والصغرى. وهذا الوعي هو الذي يحرك الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية. وعلى هذا يستند من يقول إن الإعلام هو السلطة الأولى. وإذا كان الإعلام هو العامل الحاسم في التحولات الاجتماعية، فلا بد من وضع خطط لتلبية الحاجات التطورية الملحة لهذا المجتمع أو ذاك.
ينطوي الإعلام على أربع مكونات رئيسية هي؛ المركز الإعلامي؛ العنصر الإعلامي؛ المتلقي؛ والتفاعل مع الحدث المحلي- الإقليمي- العالمي. ومن المفترض أن هذه المكونات الأربعة تعمل بتناغم مدروس لتلبي حاجات المرحلة التطورية الراهنة. وهذا التناغم يتطلب عمل جماعي منسق وليس عشوائياً. فإذا انفرد أحد المكونات يصبح المركز الإعلامي؛ سواء كان صحيفة أو قناة فضائية أو غيرها؛ ليس ذو جدوى.
ما اردت التطرق له هنا ليس كل مكونات الإعلام، إنما العنصر الإعلامي في الصفحات الثقافية للصحف أي الكاتب. فالكتاب في المجلة الثقافية لجريدة الجزيرة، يتمتعون بقدرات عالية على اختيار الموضوع وسبر أغواره، ولكن لا يوجد ترابط بين الكتاب. وبالتالي تجد المواضيع المطروحة متفرقة؛ كل منها مستقل بذاته.
من الواضح طبعاً أن هذا الأمر يتعب القارئ، وربما يبعده شيئاً فشيئاً عن التعاطي مع المجلة. أما الكاتب ومهما بلغت قدراته من مستوى، يتكلس مع الزمن ويبقى في برج عاجي منفصلاً عن القارئ ويكاد يكرر نفسه! وربما لا يستطيع اكتشاف تكلسه ذاك إلا من خلال قراءته لكتاب آخرين. وإذا انتقد ذلك التكلس يثير زوبعة قد تشعل حرباً بين الكتاب لا يكون القارئ معنياً بها. ولكن «المناطحة» بين الأبراج تؤدي إلى تحطمها وتحطم ميدان المعركة ذاته؛ أي المجلة الثقافية! لذلك فقد اقترحت على المجلة الثقافية في الأسبوع الماضي؛ إنشاء محاور ثقافية تفتح آفاقاً جديدة للكاتب والقارئ معاً؛ وتجعلهما في ترابط عضوي جديد.
لقد فاجأني صديقي الكاتب المعروف في عكاظ محمد الهلال؛ بأنه ينوي عمل ندوة تحت عنوان «المشهد الثقافي السعودي»، ولم يكن يعلم شيئاً عن اقتراحي ذاك؛ فتوارد إلى ذهني سؤال: هل بإمكان المجلة الثقافية طرح هذا العنوان كمحور لمدة شهر، يدلون فيه الكتاب بدلوهم كل من الزاوية التي يختارها؟
** **
- د. عادل العلي