ليرحم الله فقيدَ العلم والثقافة والأدب ورمزَ عنيزة أستاذنا المرحوم - بإذن الله - سبحانه وتعالى عبدالرحمن بن علي التركي العمرو ولْيتقبَّلْه الله بعفوه في فردوسه الأعلى مع الأنبياء عليهم أفضل الصلوات وأتمُ السلام ومع الصالحين، وليُحسنْ عزاءَ ذويه وطلَّابه ولْيلهمهم الصبرَ والسُلوانَ. فرثاء أخي الدكتور إبراهيم التركي أبي يزن لوالده وأستاذنا بعد شهر من يوم رحيله قد حفزني بأن أشاركَه وذويه بمرثيِّة لعلَّها أن تسجِّلَ عرفاناً يليق بأدوار أبي إبراهيم وتأثيره في نفوس طلَّابه ومشاعرهم.
رَحَلَ ابْنُ تُرْكِي العَمْرُو يَلْقَى رَبَّه
فَإِلَى الرَّحِيْمِ وَمَنْ سَيَغْفِرُ ذَنْبَه
لِأَخِي أَبِي يَزَنَ العَزَاءُ مُقَدِّماً
حَسْبِي وَقَد حُمَّ القضَاءُ وَحَسْبَه
شَهْراً أَطَلْتَ عَزَاءَكُمْ بِرِثَائِه
فَأَجَزْتَ لِلْمَفْجُوعِ يَسْأَلُ قَلْبَه
فَالرَّاحِلُونَ بِرِحْلَةٍ أَبَدِيَّةٍ
لَمْ يَعْرِفُوا وَعْثَ الرَّحِيْلِ وَكَرْبَه
يَا رَاحِلاً وَالدَّهْرُ فِي تَكْرِيْمِه
يَرْوِيْه مَجْداً لَيْسَ يَعْرِفُ ثَلْبَه
يَكْفِيْه أَنَّ مِن الحَيَاةِ شِعَارَه
إِخْلَاصُه وَالصَّبْرُ عَزَّزَ دَأْبَه
فَأَبُوكَ إِبْرَاهِيْمُ عَاشَ مُعَلِّماً
وَمُرَبِياً يَرْعَى الشَّبَابَ وَصَحْبَه
فَهْوَ المُثَقَّفُ وَالأَدِيْبُ بِجِيْلِه
وَسَعَى يُنِيْرُ مُجَايِلِيْه وَشَعْبَه
فَلْيَرْحَمِ الرَّحْمَنُ أُسْتَاذاً لَنَا
فِي المَعْهَدِ العِلْميِّ أَكْمَلَ دَرْبَه
طُلَّابُه سَارُوا مَسَارَاتِ العُلَا
فَأَبُوكَ رَمْزٌ مِنْ رُمُوزِ عُنَيْزَةٍ
فِيْهَا سَمَا صِفَةً وَأَعْلَى كَعْبَه
فَمِن البَدِيْعِ بَلَاغَةً إِبْدَاعُه
وَمِن البَيَانِ قَد اسْتَبَنَّا لُبَّه
فَدُرُوسُه قَدْ أَخْصَبَتْ بِمَواهِبٍ
كَشَفَتْ لَهُمْ نَهْجاً يُؤَكِّدُ خِصْبَه
قَدْ سَارَت الأَيَّامُ فِي آثَارِه
وَبِإِثْرِه الفُصْحَى تُسَيِّرُ رَكْبَه
لَمْ يُلْقَ مِن طُلَّابِه مَنْ سَاءَهُمْ
فِي نَظْرَةٍ عَكَسَتْ عَلَيْهِمْ عُتْبَه
كُلٌّ يُقَدِّرُه عَلَى أَدْوَارِه
بَلْ عَمَّقَتْ فِيْهِمْ وَفِيْنَا حُبَّه
طُلَّابُه جُلَسَاؤُه قَدْ أَجْمَعُوا
هَيْهَاتَ لَمْ يَسْمَعْ زَمَانٌ سَبَّه
قَدْ كَانَ هَذَا فِي سِنِيِّ شَبَابِه
وَمَشِيْبِه رَبَّى بَنِيْه وَعَقْبَه
مِنْ سِيْرَةٍ عَبَقَتْ وَفِي تَأْبِيْنِه
نَشَرَتْ مَعَانِيْهَا عَلَيْه وَقُرْبَه
سَارَتْ بِإِحْسَاسٍ تَأَرَّجَ عَاطِراً
مَنْ ضَوَّعَتْه بِهَا فَأَزْهَرَ كَسْبَه
فَإِذَا بِه أَضْحَى وَأَمْسَى قُدْوَةً
لِلنَّشْءِ ذَلَّلَ مُرْتَقَاه وَصَعْبَه
فَلْيُحْسِن الرَّحْمَن فِيْه عَزَاءَه
بِذَوِيْه وَلْيَغْفِرْ بِعَفْوٍ ذَنْبَه
بِالصَبْرِ وَالسُّلْوَانِ أَلْهِمْ مَنْ بَكَوا
فِقْدَانَه أَو قَدْ أَهَاجُوا نَدْبَه
فَلْيُكْرِم الرَّحْمَنُ فِي فِرْدُوسِه
مَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا لِيَلْقَى ربَّه
** **
- الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الواصل