عثمان بن حمد أباالخيل
لست مجبراً على تصحيح تفكير الآخرين، لكني مضطر إلى مراعاة حجم عقلياتهم. - جورج برنارد شو. تصرفات الإنسان في أحيان كثيرة وهي كذلك تُبني على قناعة شخصية وهذه القناعة تعتمد على مدى فهم الموقف والقدرة على تحديد نتائج ذلك السلوك وهل يقع تحت مظلة القيم الإنسانية. حرية التصرف لا تتعارض مع الحرية الشخصية إذا كانت في الإطار العام للحرية الشخصية. الإنسان ليس مديناً بشرح متغيرات حياته وتصرفاته لأحد مهما يكن إلا بمحض إرادته وهذا هو التوجه العام، لكن هناك شريحة من الناس تنشر وتتباهى بما تقوم به عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبهذا فهو يكسر القاعدة العامة.
لست مضطرًا باعتذار لأي إنسان وهذا طريق شائك فالاعتذار حين تخطئ قمة الثقافة العالية وهناك من يظنها السقوط في الهاوية وجرح النفس البشرية. لست مضطر للرد على تعليق أو القيام بتوضيح حين يأتيك من إنسان لا يرى أبعد من أرنبة أنفه. لست مضطرا لأحد بشرح وضعك الاجتماعي وهذا تسلّق على سور الخصوصية وكما يقال نشر الغسيل. قرارات كثيرة ومواقف كثيرة وأفكار وخطط لست مضطرًا لشرحها للآخرين. لست مضطرًا أن تدس أنفك بما يحدث من حولك، ولست مضطرًا أن ترد على قلة الذوق، ولست مضطرًا للإجابة على سؤال لا تعرف اجابته، ولست مضطرًا أن تمدح من لا يستحق المديح فيصبح نفاقاً. ولست مضطرًا لشرح طبيعة عملي ومقدار راتبي.
أحيانا نضع أنفسنا في موقف يضطرنا أن نشرح فيه وجهة نظرنا لنبعد عنها اللغط والأقاويل ولا ندس رؤوسنا في الرمال، والتهرب من ذلك يأخذها إلى وحل الشك والريبة والمواقف التي نمر بها تصقل عقولنا وتعطينا دروساً نتعظ بها لمن يريد أنْ يتعظ. قال الله تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ}. إلى كل من يضطر لشرح موقفه كن صريحاً شفافاً ولا تتلفت للمشككين وأصحاب الأفواه الكبيرة الذين لا يدركون معنى العقول الحكيمة المدركة. أقتبس (الحَسَن ما حَسَّنه العقل، والقبيح ما قبَّحَه العقل) ابن رشد.
في حياتنا الاجتماعية نضطر أحياناً إلى المجاملة وهي أسلوب دبلوماسي راقٍ جدا، نجامل في حدود المعقول ونتقمص دور الممثل الذي يتقن فن المجاملة لكننا نخفي مشاعرنا الحقيقية. أجزم أن الكثير من الناس يضطرون للمجاملة وأجزم أنك تدرك أن ذلك الإنسان يجاملك لكنك تتقبل تلك المجاملة، همسة لا تجامل على حساب نفسك وسمعتك فتصبح مُتملقاً إلى حد التذلل والخضوع.
وفي الختام لست مضطرا أن تكون شخصا مثاليا في تعاملك مع الآخرين فنحن بشر نخطئ ونصيب لكنك مضطر أن تتعامل مع ذاتك بكل مصداقية وشفافية وتعرف حدودها، متصالحا معها وللأسف هناك من يخالف نفسه ويظن أنها ليست مضطرة.
أقتبس (صلاح أمرك للأخلاق مرجعه
فقوم النفس بالأخلاق تستقم)