د. عبدالرحمن الشلاش
يولد الإنسان فيولد الخوف معه.. خوف من الحياة ومن المستقبل ومن الظروف وخوف من المرض والموت، ثم يزرع فيه مجتمعه كل عقد الخوف بدءاً من أسرته ورفاقه ثم مؤسسات مجتمعه المختلفة حين تحجب عنه فرصة سانحة أو تحرمه من حق مكتسب، وتتسارع وتيرة الخوف لديه عندما يرى بعض القطاعات الحكومية أو مؤسسات القطاع الخاص توزع الوظائف دون أن تكون لديها معايير وشروط وضوابط واضحة، أو أن مثل هذه الشروط موجودة لكنها غير مطبقة على أرض الواقع وإنما وضعت في الأدراج أو استخدمت لتزيين الرفوف برصها بشكل منظم ومنسق كي يطلع عليها الزوار أو من لديهم سلطة تقييم الأداء.
يسكن عدد كبير من الشباب والشابات الخوف من مستقبل مجهول رغم أن طموحاتهم بسيطة وغير مستحيلة التحقق. عندما أناقش أياً منهم أجد أن طموحه الحصول على فرصة عمل مناسبة يتمكَّن عن طريقها من بناء مجتمعه الصغير المتمثِّل في أسرة صغيرة تضمه مع شريكه وأطفاله وتفتح له آفاقًا رحبة ليعيش في حياة كريمة دون أن يكون عبئاً على غيره.
أعرف كثيرًا من الشباب سواء من الأقارب أو الأصدقاء أو من عامة الناس حققوا طموحاتهم الذاتية بأنفسهم فنفذوا أفكاراً غاية في الإبداع، وبدؤوا من الصفر ولن أتحدث عن شباب ورثوا أموالاً أو حصلوا على دعم من أحد الوالدين مثل أبناء وبنات رجال وسيدات الأعمال وإنما عن شباب وشابات رأس مالهم أفكارهم وبعض الدعم البسيط أو القروض من البنوك، أو مال قليل جمعه الشاب أو الشابة لهذا الغرض ولتحقيق طموح حياته لذلك وجدنا شباباً وشابات شرعوا في عمل ما يُسمى بالمشاريع الصغيرة وحققوا من خلالها نجاحات كبيرة في مجالات العقار وتسويق المنتجات وتجارة التجزئة, والمشاريع التقنية وغيرها.
لكن عدد من ذكرت من أصحاب المبادرات الفردية الرائدة من الشباب والشابات قليل جداً، وقد لا يشكِّل نسبة 2 % من أعداد الشباب فوق العشرين ومن هم في سن العمل والتي بلغت نسبتهم بحسب مصلحة الإحصاءات العامة 30 % من تعداد السكان، أي أن 98 % لديهم طموحات نصفهم ربما حققوا طموحاتهم بينما بقيت طموحات النصف الآخر معلقة في الهواء وخاصة في ظل عدم وجود وزارة أو هيئة للشباب تتولى دراسة هذه الطموحات غير المستحيلة وتطرح برامج ومبادرات وتساعد في إيجاد وظائف لأغلى فئة في المجتمع وهي فئة الشباب. وجود مؤسسة تعنى بالشباب مطلب وخاصة في هذه المرحلة وهو أمل يرفعه الشباب لقيادتهم الحكيمة.