الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
حذر أكاديمي متخصص في العلوم الشرعية من خطورة الغفلة والتهاون مع الأطفال عند استخدامهم فحش الكلام والألفاظ البذيئة، واللعن، وساقط القول، وأنه حينما يعتاد الطفل الفاحش من القول: إنه ينشأ عليه - إِذ من شب على شيء شاب عليه- وحينئذ قد يتفوه بكلمة تخرج من الملة، وهو لا يشعر، أو يستهزىء بشيء من الدين، فيخرج من الإسلام، وقد يورد الكلمة، ليضحك من حوله يهوي بها في النار سبعين خريفًا، وقد يعتدي بكلامه على أحد من الخلق، فيكون فيها عطبه، فكم كلمة قالت لصاحبها دعني، كما أن من اعتاد اللعن والسب، فإنه يحور عليه، ومن سب آباء الناس رجع السباب إلى والديه، كما جاء في الحديث، وما ربك بظلام للعبيد، فمن أفسد تربية ولده رجع نتاج ذلك عليه، ويخشى على بذيء اللسان أن يكون من شر الناس، فقد أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم- أن شر الناس من تركه الناس اتقاء شره، كما أن من ينشأ على ذلك، ولم يتب منه، يخشى أن يحرم من الشهادة والشفاعة يوم القيامة، كما جاء في الحديث. اللسان ميدان للخير والشر.
وأكَّد د. محمد بن عبدالله السحيم أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة الملك سعود بالرياض أنه من الخير أن تنشأ ناشئة الأمة على الهدي الذي جاء فيه «ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن»، وما أخطر من أن تنشأ على الفحش قولاً أو عملاً، فقال جل ثناؤه: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وإذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} (72) سورة الفرقان وأخبر الهادي البشير أن اللعانين لا يكونون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة، لأن المسلم ليس بالطعان، ولا باللعان، ولا بالفاحش البذيء.
واستطرد د.السحيم بالقول: إن أمة هذا هديها، وهذا دينها، تجعلنا في عجب أن ينشأ فيها ناشئة تألف الساقط من القول والفاحش من اللفظ، ولا تأنف من القبح عباراتها، أو الخبيث من كلماتها، إِذ الخبيثات للخبيثين والطيبات للطيبين، ولا شك أن لبذاءة اللسان أسبابًا منها: مخالطة من تدنست ألسنتهم بالسوء، فيتلقف النشء ساقط القول، وسيىء اللفظ من حيث لا يشعر، والطبع لص كما قيل، والعدوى في هذا الأمر أعظم من العدوى بالأمراض المعدية، كذلك مشاهدة الأفلام الهابطة التي عمادها الفحش في الأقوال والأفعال فيرغب الطفل في محاكاة ما يراه من حركة مشينة، أو قول زور، وفي حالة الغفلة عن متابعة النشء، يكتسب الطفل بذيء القول ويعتاده، ويردده في غفلة من والديه.
وقدم د. محمد السحيم الوصفة العلاجية التي تكمن بأن يبدأ من التربية الراشدة الصالحة، وإرشاد الناشئة إلى البديل من الكلمات الطيبة، وتحذيرهم من سوء مغبة الكلمات البذيئة والرقابة على الأطفال في البيت والمدرسة، وتفقدهم في ألفاظهم وأحوالهم، والتأكَّد من موافقتها للكتاب والسنة، وعلى جميع الأطراف ذات العلاقة بالعملية التربوية أن تعي رسالتها في ذلك، فتسهم في التوعية والإرشاد.