مها محمد الشريف
الشرق الأوسط كيان جغرافي وسياسي ببعده الإقليمي والدولي، وموقع استراتيجي للعالم، تتقاطع عنده القارات الثلاث (الآسيوية والأوروبية والإفريقية). وبناء على هذه الأهمية تتكون العلاقات بين دول العالم ودول المنطقة. واليوم تشهد العلاقات بين الرياض وموسكو تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأربع الماضية في مختلف المجالات، وخصوصًا بعد زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا.
هكذا تكتسب العلاقات أهميتها بملاءمة سبل التعاون كمفتاح وحيد لاستمرار التبادل واستحضار التاريخ الغني بين المملكة وروسيا.
وفي الوقت نفسه رحب خادم الحرمين الملك سلمان بفخامة الرئيس بوتين مقدرًا له تلبية الدعوة، ومتمنيًا له وللوفد المرافق طيب الإقامة. وأثنت المملكة على الدور الفاعل لروسيا في المنطقة والعالم، وأبدت التطلع للعمل في كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار والسلام، ومواجهة التطرف والإرهاب، وتعزيز النمو الاقتصادي والتجاري المشترك بين البلدين بصفقات ضخمة، الوصول إلى تعاون في المجالات كافة.
وتعلق موسكو آمالاً واسعة على تعزيز الشراكة مع الرياض؛ إذ تتضمن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السعودية توقيع العديد من الاتفاقات الاقتصادية بين البلدين.
وفضلاً عن ذلك، بدأت دول المنطقة بإعادة النظر في التحالفات الدولية، وضرورة تنويعها، خاصة أن الواقع مثقل بالأخطار والهجمات المذهلة والمأساوية والاتفاقات المعقدة؛ كونها تفرض موجبات لا نهاية لها؛ وبات بالتالي على الدول العربية تنوع تحالفاتها الدولية، وهذا أمر فرضته معطيات الواقع.
لقد تغيرت الأمور مع تغيُّر المصالح، وهذا أسهم في عدم الاستقرار. وما من شك تظل الدوافع تتناقض وتتوافق من بعض الدول الأكثر نفوذًا على الساحة شرق أوسطية. ففي غضون أسابيع قليلة سجل العالم تجاوزات إيران باستهداف حقلَي نفط تابعَين لأرامكو. ولم نرَ من الحلفاء سوى الشجب والاستنكار. وفي مثل هذه الظروف تعيش المنطقة تحديات خطيرة وبؤر توتر جديدة، تشكل مفارقة متذبذبة، كالموقف الأمريكي المتردد في التعامل مع التهديدات التي يتعرض لها حلفاؤها في المنطقة. وهذا التحول الذي اتضح من خلال مظاهر متعددة يتطلب بالضرورة من العرب أن يعيدوا تقييم هذه التحالفات التاريخية، واتخاذ الأولويات بتنويعها.
وفي مقابل هذا المشهد بدت المملكة تعمل على تحديث الحياة السياسية وتطوير العلاقات الدولية، خاصة الاستثمارية منها، بعد زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا في 2017؛ إذ تستعد روسيا لتوقيع 30 وثيقة، من بينها 10 عقود كبرى، تزيد قيمتها الإجمالية على مليارَي دولار، مع الجانب السعودي، خلال زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى المملكة.
لا بد هنا من التذكير بأن أهمية التنسيق السعودي - الروسي الذي يعتبر أساسيًّا في اللقاء تنبع من ثقل الدولتين سياسيًّا؛ وعليه شدد الطرفان على تأمين الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وقال بوتين: «أنا على يقين أنه من دون مشاركة المملكة العربية السعودية يستحيل تأمين التنمية المستدامة لأي من مشكلات المنطقة».