محمد سليمان العنقري
تعديل الأنظمة والتشريعات حالة اعتيادية بكافة الدول والمقصود هو ما يخص أنظمة قائمة وليس التي تصدر لأنشطة حديثة بالاقتصاد، فالتغيير له حساسية وتأثير عال لأنه يمس استثمارات قائمة ولذلك فإن قياس ما يترتب على أي تعديل يعد هو الأمر الأكثر أهمية في قرار التوجه لمثل هذه التعديلات المقترحة.
فالمستثمرون أسسوا مشاريعهم بناءً على دراسات جدوى تستند إلى الأنظمة القائمة فعلياً ولذلك فإن أي تغيير يؤثر على الجدوى من هذا الاستثمار سيكون له تبعات خطيرة على المستثمر وسيعرضه للخسارة وربما إقفال النشاط إذا لم يتمكن من استيعاب تأثيرات أي تنظيم جديد، لكن الجانب المهم هو قراءة آثار أي تعديل هل سيكون له أثر على التضخم أو جاذبية الاستثمار لهذا النشاط أو سيكون له دور بإقفال منشآت وبالتالي دور سلبي على سوق العمل وخطط مكافحة البطالة فمثل هذه القياسات ستؤدي حكماً للموازنة بين إيجابيات أي تعديل بالأنظمة والسلبيات التي تظهر بسببها فالقرار الجيد هو الذي يقلل من السلبيات أي لايوجد قرار سلبي أو إيجابي 100% وبذلك فإن دراسة ما سيترتب على أي قرار من انعكاسات على الاقتصاد أهم جانب في مجمل التوجه لهذه التعديلات.
فالتغيير بأي أنظمة سواء بمتطلبات الرخص أو متطلبات تشغيلية أو رسوم لابد أن يخضع لاختبار عميق ويقاس أثره من عدة جهات ذات علاقة بخطط تطوير الاقتصاد والتنمية المستدامة وكذلك لابد من إشراك القطاع الخاص في قياس التأثير لمعرفة حجمه وما سينتج عنه، فعندما يأتي التغيير مفاجئاً يتسبب بإرباك السوق وعدم فهم لمجمل التأثيرات التي ستنتج عنه وهو ما يؤكد بالضرورة أن أي تغيير لأنظمة تخص أنشطة تجارية قائمة له حساسية عالية لأنه قد يغير جذرياً من دراسة الجدوى للمشاريع التي بنيت على معطيات مختلفة وهو ما قد يؤدي لحالات تعثر تقلص من جاذبية الاستثمار لهذه الأنشطة وقد تغلق بعضها في حال كان التغيير مؤثراً بشكل لا يمكن التعامل معه مستقبلاً للحفاظ على معدل الربح الذي كان مبنياً على الشروط والأنظمة قبل تعديلها.
لا شك أن التغيير والإصلاح للأنظمة حالة عامة دولياً لكن لها أيضا محاذير عديدة وآثار قد تكون سلبيتها أكبر بكثير من السبب الذي تم التعديل لأجله فاستقرار المستثمرين في أعمالهم من خلال النظر بأن الأنشطة التي أسسوها وفقا لنظام قائم وبلغ حجم التوسع بالقطاع لمستوى عال وضخت مبالغ هائلة فيه فإن التغيير بالأنظمة إذا أصاب جدوى استثمارهم بضرر كبير فإن المتضرر الأول هو الاقتصاد بشقيه الكلي والجزئي.