فهد عبدالله الغانم السبيعي
في تقرير نشر في عام 2016م أعدته الكاتبة كالين هاول ونشرته صحيفة «الواشنطن تايمز» الأمريكية وكان عنوانه: «جون ماكين: القتال ضد داعش يتحول إلى فيتنام أخرى».
وهاهي بوادر بزوغ «فيتنام» ساحتها الأراضي السورية فقد أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جيشه لغزو بربري لبلد عربي في محاولة للتوسع واحتلال أراضيه من إدلب إلى شرق الفرات وليست هذه الأولى فقد سبقها عمليات لا تقل بربرية عن هذه فكانت عملية «درع الفرات» وعملية «غصن الزيتون» ضارباً بعرض الحائط جميع الإدانات العربية والدولية ومناشدات المنظمات والهيئات العالمية، إن هذا التصرف الأحمق والمغامرة غير المحسوبة لهذا السلطان العثماني ربما تقوده إلى أمرين: حرب استنزاف طويلة لا يتحملها اقتصاد بلاده المنهك. أو أمور عدة منها أن يستعيد تنظيم داعش قوته في سوريا ومن ثم العراق وتكمن الخطورة هنا بأن قوات سوريا الديموقراطية تحتجز أكثر من 12 ألف عنصر من أعضاء هذا التنظيم في 7 سجون من بينهم 4 آلاف مقاتل أجنبي و50 ألفاً من العائلات. هذا التنظيم الذي ظهر في عام 2014م.
عدوان جيش أردوغان السافر هو سيناريو محفوف بالمخاطر رسم خطواته بنفسه ووضع له بداية شرسة فقد لاحظنا المشاهد الأولى للقصف التركي اللا إنساني وظهرت حيثياته المؤلمة بإلقاء القنابل قذائف الهاون على الأبنية المكتظة بالسكان حولتها إلى ركام بل أن البعض فروا من الذعر والخوف وهجروا منازلهم وأطلقوا سيقانهم للرياح لأنهم رأوا حقيقة الحقد التركي الدفين وما يخفي وراءه؟!!.
سياسة الأرض المحروقة التي يريدها الأتراك تدور رحاها في كل من المدن التالية: تل أبيض ورأس العين بريف الحسكة وعين عيسى ويدعّون أن هذه المحرقة ستقودهم في النهاية إلى جلب السلام وتوطين اللاجئين السوريين في بلدهم والوصول في نهاية المطاف قبل ذلك كله إلى «ممر أردوغان الآمن»؟!!. والسؤال كيف لرجل يعيش جنون العظمة والغرور أن يجلب السلام الموعود؟. لكنه يريد التغطية على فشله الذريع داخلياً وخارجياً، ففي الداخل نال حزبه العدالة والتنمية هزيمة مذلة في الانتخابات المحلية في إسطنبول وتعاني تركيا من اقتصاد مثقل وتحديات اقتصادية. أما خارجياً فبلا شك أن الأكراد يقلقون مضجعه، أما الاتحاد الأوروبي فقد لفظه وتم تهميشه وأدان عمليته، ونال عقاباً أمريكياً سيطال اقتصاده مرة أخرى وبالتأكيد هذه العقوبات المقبلة والتي وافق عليها الكونجرس الأمريكي ستصل إلى أردوغان نفسه ولن يمكن له أن يتلافها؟!!.
سلوك هذا السلطاني العثماني المريب نحو الهيمنة والتوسع لم يتغير منذ وصوله إلى سدة الحكم في تركيا قبل تسعة عشر عاماً قضاها في خداع المجتمع الدولي متخذاً حقوق الإنسان والعدل والإنصاف والإنسانية والبعد عن الظلم شعاراً له ولحزبه ولكن؟!! حان الآن أن يتم كشف ألاعيبه ومساوماته وابتزازه للآخرين ويدعي ما يدعيه. هو يعرف تماماً أنه فتح أبوابه للجهاديين من كافة دول العالم لدعم التنظيم المتطرف بل واستفاد منه أيضاً. بل هو الآن يحارب الإرهاب عبر إرهاب آخر يقوم به لكي يتمكن من سحق الأكراد وزيادة المعاناة الإنسانية وخلق أرضية صلبة لعودة الظهور السيئ مرة أخرى للجماعات الإرهابية وخلط الأوراق.
الرئيس «الطيب» له وجهان ينافق في كل واحد أكثر من الثاني حتى أنك أحياناً لا تعرف ماذا يريد؟ لأن وعوده كاذبة وتصريحاته ماكرة مارس هذا الأسلوب مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ونجح وحاول إعادة الكره مع الرئيس دونالد ترامب ولكن ترامب عرفه مبكراً ولم يدع له الفرصة ليتنفس لذلك باعه بثمن بخس وجعله واقتصاده لقمة سائغة للكونجرس الأمريكي؟!!.
أردوغان يصارع في كل مكان ويتلقى الهزائم والنكسات واحدة تلو الأخرى فقد تاجر بالقضية الفلسطينية وساوم عليها ولكنه لم يصل إلى مبتغاه وهدفه شق الصف العربي واتهم المملكة العربية السعودية بأنها تخلت عن قضية العرب الأولى وألجمه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في القمة العربية التي انعقدت بمدينة الظهران وسميت (بقمة القدس) وقال - حفظه الله - «ليعلم القاصي والداني أن فلسطين في وجدان العرب والمسلمين» وأكد أن القضية الفلسطينية هي قضيتنا الأولى وستظل كذلك حتى حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على جميع حقوقه المشروعة. عاد أردوغان وتدخل في الأزمة الخليجية والخلاف مع تنظيم الحمدين وتعاطف معهم ووقف بجانبهم ضد المملكة وأرسل جيشاً لحمايتهم.
على المجتمع الدولي أن يوقف إرهاب أردوغان وتهوره، فأفعاله النكراء تشكل خطورة على أمن المنطقة وعلى الاستقرار العالمي، ولعلي أشيد بمضامين البيان القوي الذي صدر عن وزارة الخارجية السعودية وأدان عملية «نبع السلام» التركية ووصفها بأنها اعتداء سافر على وحدة واستقلال وسيادة الأراضي السورية».
أخيراً نقول لمجرم الحرب رجب طيب أردوغان المتورط في المستنقع الكردي الذي ستغوص أرجل جنوده في وحله، ولمن بارك له عمله الفاسد من الذين سلخوا جلدهم العربي ووصفوا دولة الغزو والاحتلال بـ»الشقيقة» وقالوا عن إيران المارقة أنها «شريفة»؟!!. ولكل من دعمه سواءاً سياسياً أو اقتصادياً أو إعلامياً بأن «نبع الشر» ما هو إلا فأل سيء ومقبرة للغزاة وشراً مستطيراً ينتظرهم، ونذّكر بأن الدولة الكردية قائمة لا محالة. {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}.