سمر المقرن
الدنيا صيدلية بها السم والترياق، فعلينا أن نتجنب السم ونسعى للترياق. لذا فإن الإسراف في استخدام المياه به سم قاتل وترشيده هو ترياق شافي لحياتنا. ولأهمية الماء فقد ذكره الله سبحانه وتعالى (63) مرة في القرآن الكريم، وهو أرخص موجود وأغلى مفقود، كما جعل رب العالمين من الماء كل شيء حي وسر الوجود، وأكد العلم أن الماء يمثل 75 % من جسم الإنسان، وأن انخفاضه لنسبة 60 % يؤدي للوفاة لا قدر الله، ناهيك عن أهمية الماء، فلا حياة لمخلوق بدونها.
في اعتقادي أن نظام ترشيد المياه الحياتي هو أمر يبدأ من النشأة، أتذكر في طفولتي كانت والدتي تغضب لو فتحت صنبور الماء بقوة، وكبرت وقد تشربت المعنى العظيم لهذه التربية، فأنا اليوم لو رأيت أحداً يفتح الصنبور بقوة فبلا شعور أجري لتخفيضه، هي مسألة تربية تصبح نظام حياة.
من وقت لآخر، تخرج شركة المياه بحملات توعوية لترشيد الماء، ويأتي برنامج «قطرة» مرفرفا وخاطب القلوب والعقول لترشيد استخدام المياه وتنطلق الحملة لتحقيق رؤية المملكة 2030، بتقليل استهلاك الفرد من المياه لتحقيق استدامتها لنا وللأجيال القادمة، لا سيما وأن بلادنا من البلاد التي تعاني من الشح في مواردها المائية، كما نرى كابوس وأخطار الفقر المائي تجثم من حولنا على بلاد كثيرة كشبح مرعب مخيف. ومن ثم يجب أن نستجيب لأصوات ضمائرنا، وأنا على يقين أن مثل هذه الحملة سوف يكون لها تأثير كبير كما هو يقيني من وعي ويقظة أفراد هذا المجتمع، فالقضية ليست الإرشاد لتخفيض فاتورة بقدر ما هو لتحقيق أهداف بعيدة المدى.
وحسنا فعلت الجهات الحكومية بتكليف الجهات المعنية بضرورة إصدار بطاقات توضح نسبة ترشيد المياه لكل منتج. وعليه من المهم ألا نستهين بالقطرة التي نوفرها لأننا لو تكاتفنا معا ورشّدنا الاستهلاك لحققنا وفرا مائيا بنسبة 10 % يوميا، أي حوالي مليون متر مكعب، وهو ما يساوي إنتاج يومي لمحطة تحلية مياه البحر في رأس الخير بالساحل الشرقي، ويترتب على هذا السلوك الإرشادي توفير الاستثمارات المالية التي تُنفق لتعزيز مصادر المياه، وهذا الوعي المائي بالترشيد والكشف على التسربات الداخلية في الأدوات الصحية في المنازل وأماكن العمل سيحقق بإذن الله الاستدامة المائية، ويوفر الموارد الطبيعية، وسيعم الخير أرجاء وطننا الغالي. لأننا كلنا في خندق واحد خلف البرنامج الوطني لترشيد استهلاك المياه.