عبدالوهاب الفايز
معرض (جايتكس) السنوي، الذي عقد الأسبوع الماضي في دبي، قدم الجديد المبهر في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وشارك فيه أكثر من 4500 شركة من مختلف دول العالم، وكان إيجابيا وممتعا المشاركة السعودية الواسعة، من القطاعين العام والخاص، حيث عرضت التجربة السعودية في التحول الرقمي، وطبعا يأتي دائما حضور شركة الاتصالات STC متميزًا، ويقدم صورة حية لمدى دخول السعودية بقوة في هذا القطاع الحيوي.
الذي يحاول الاقتراب من هذا القطاع المزدهر بالمشاريع والمنتجات الرقمية الجديدة يجد المستقبل حافلا بالفرص الثرية الواعدة لنمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والأهم: سوف يجد الفرصة الواعدة للنمو الواسع للوظائف بالذات في صناعة المحتوى الإعلامي، أي صناعتنا التي توكلنا الخبز والزبد وشيئا من الجبن!
إذا تأملنا قطاع الإعلام في المملكة لن نجد بين يدينا مسارًا واضحًا لتأهيل الموارد البشرية في صناعة المحتوى الإعلامي. الجامعات تراجعت مخرجاتها نتيجة لضعف المناهج، وأيضا لغياب فرص التدريب المحترف الضروري لتكامل التأهيل الأكاديمي. المؤسسات الصحفية التي كانت حاضنة الطلاب ومنصة تدريبهم العملي الضروري تراجعت ولم يعد لديها القدرة أو حتى الرغبة في المشاركة مع الجامعات. وحتى القنوات التلفزيونية والإذاعية لا تستطيع تقديم التدريب.
هذا الوضع السلبي القائم سوف يحرم شبابنا وبناتنا من الاستفادة من فرص نمو قطاع الإعلام، وبالتالي نفقد فرصة ذهبية لتوسيع فرص العمل في مجال حيوي، سياسيا للدولة، واستثماريا للأجيال الجديدة من شبابنا. منظومة الإعلام السعودي في السنوات الماضية، (نتيجة لغياب البناؤون!)، لم تقدم مشاريع جديدة للاستفادة من الثورة الرقمية، فقد انهار نموذجها التجاري القديم، ولم تستطع استيعاب نموذج العمل الجديد للإعلام.
وهذا التأخر أدى إلى خروج عدد كبير من الإعلاميين، والذي أنقذ الوضع توسع القطاع العام في مشاريعه الإعلامية والتسويقية، فقد وجد العديد من الزملاء الإعلاميين فرصة العمل المستقر. طبعًا عائد الوظائف لا يقارن بما يتقاضاه نجوم الإعلام الاجتماعي الجدد، رغم فارق الجهد والخبرة والتأهيل، وهذه سنة الحياة، لكل زمان نجومه ورموزه!
الإعلاميون السعوديون الذين تخلت عنهم، مكرهة، وسائل الإعلام أغلبهم وجد الفرصة البديلة. هؤلاء في مأمن من الفاقة. ولكن يُقلقنا وضع الجيل الجديد من الإعلاميين الذين يتم تأهيلهم في الجامعات السعودية. هؤلاء لن تكن فرصتهم في سوق العمل يسيرة وسهلة، فالتوسع والطلب الحكومي على الوظائف الإعلامية في السنتين القادمتين سوف يتوقف أو يتراجع، وربما نشهد حالة استغناء عن العاملين الحاليين.
البيئة الإعلامية الحالية والمستقبلية فيها الكثير من فرص العمل والتجارة، فصناعة المحتوى الإعلامي تزدهر بالمنتجات الرقمية، فهناك وظائف جديدة تتيحها التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي، وهذه تحتاج مهارات ومعارف جديدة. كما أن الوظائف التحريرية الحاليّة تحتاج تنمية مهارة البحث والتعمق، فالطلب على (التفسير والتحليل) للأحداث الجارية سوف يرتفع نظرًا لتعقد وتعدد القضايا والتحديات في الحياة المعاصرة.
من الجهات المخوّلة للقيام بدور وطني مهم لتأهيل وتدريب الموارد البشرية الإعلامية السعودية هي شركة الاتصال السعودية. الشركة في مشروع تحولها إلى شركة تكنولوجيا معلومات واتصالات، والذي بدأته قبل ست سنوات، أسست جيلا جديدا من المهنيين السعوديين الذين يواصلون مشروع التحول الكبير في النموذج التجاري الذي حول الشركة إلى (قاطرة وطنية) تقود قطاع الاتصالات والمعلومات.
خبرتها هذه نتمنى الاستفادة منها في تأهيل الجيل الجديد من الإعلاميين السعوديين، بالذات تأهيلهم في المهارات التقنية الضرورية لإيجاد الإعلامي متعدد المهارات، في الكتابة والتحرير الصحفي، والتصوير، والإنتاج التلفزيوني والإذاعي، وإدارة وتسويق التواصل الاجتماعي.. وغيرها.
هذه المبادرة الوطنية تجاه الإعلاميين السعوديين يمكن أن تأتي تحت برامج المسؤولية الاجتماعية، فهي (استثمار في جيل من الإعلاميين) القادمين لسوق العمل، حتى لا يتحولوا إلى قائمة البطالة، ولعل وزارة التعليم تقود هذا المشروع بين الجامعات السعودية وشركة الاتصالات. نتمنى ذلك.