د.ثريا العريض
للأرض رائحةٌ تؤرّقني
لأني ما زلت أحمل في القلب بعض التراب
وما زلتُ أحمل في العين جرحا
وأطلبه مطراً
فيفيض غباراً وملحا
ما زلتُ أعرف اِسمي
وأحزان أمي
وأحلامها الصادية
للأرض رائحة تعذّبني
تثير بيَّ الوجدَ أشواكها والسنابل
يفاجئني عشقها
كلما همست في المدى ساقية
رقصت نخلةٌ ساهية
ضحكت زهرةٌ في ضفاف جداول
فينتفض القلب
ينبض قافيةً .. قافية
وحين أسائل عنها الذين
يجيبون أسئلة السائلين
يحارون صمتا
يضيعون بين الفواصل
و يختزلون الجواب: (حياةٌ .. وموتى..)
في الطفولةِ
حين أجبنا نداء السطور
ما علمونا هواها
الذين قرأنا لهم
ونقشنا كتاباتهم في الصدور
أوعدونا بعشق سواها
دمغوها بأوراقنا «لاغية»
ومحوا اسمها في الكتاب
مزقوا رسمها
أحرقوه
ورماداً ذروه
يذوب بصمت العصور
فتسرب بين الشغاف وبين الشعاب
وأنبت حزناً ومقتا
قيل: «ساحرةٌ!! فارجموها
هي تحمل سر التراب!!»
أمُّنا.. هي!
تحت التراب تظل الجذور
فيها الحياة.. وفيها الممات..
وأسماؤنا واصطخاب الشعور
حرّةٌ واستبيحت
هي مثقلةٌ بأحزاننا..!
قيل: «بل هي أمّارة غاوية
وهي عاشقة للوجوه..!»