فضل بن سعد البوعينين
المتمعن في خبر منح الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار الروسي المباشر السيد كيريل ديمترييف، وشاح الملك عبدالعزيز من الطبقة الثانية، يجد خلفه الكثير من مسوغات الاستحقاق التي صدر بموجبها أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. فمنذ الزيارة الملكية الأولى عام 2017 وما تلاها من زيارات ولقاءات لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ والعلاقات السعودية -الروسية تشهد تطورًا ملحوظًا، وتنسيقًا أكبر في شؤون الطاقة والاستثمار وبما يعزز العلاقات السياسية التي شهدت حراكًا ملموسًا خلال السنوات الأربع الماضية.
الرئيس فلاديمير بوتين أكد في تصريحات تلفزيونية قبيل وصوله المملكة؛ أن القيادة الروسية تراهن على الدور الذي يقوم به الأمير محمد بن سلمان في تعزيز العلاقات الثنائية، وعلى مستقبل المنطقة؛ وقال «لدينا معه علاقات شخصية ودية جداً، فهو المبادر في الكثير من المشاريع بين موسكو والرياض، وهذه المبادرات قائمة وتتطور باستمرار». سعى مهندس العلاقات الروسية السعودية، الأمير محمد بن سلمان، لتعزيز العلاقات بين البلدين كجزء من سياسة التوازنات الدولية التي تنتهجها المملكة، وأحسب أن العلاقات الاقتصادية الاستثمارية كانت قاعدة الانطلاقة، ومنها التنسيق الأمثل في شؤون الطاقة وخلق اتفاق «أوبك +» الذي لم يكن ليرى النور لولا الجهود التي بذلها ولي العهد مع الرئيس بوتين. ثم تبعها الكثير من الاتفاقيات الاستثمارية التي توجت بإنشاء صندوق استثماري مشترك برأسمال 10 مليارات دولار. الأكيد أن العلاقات الاستثمارية المتميزة، والثقة المتبادلة بين القيادتين، ساعدت على فتح منصة لصندوق الثروة السيادي الروسي في الرياض لتكون محطة انطلاق لاستثماراته بالمنطقة، وليس السعودية فحسب. رئيس الصندوق، كيريل ديميترييف، أكد أن عدداً من المستثمرين الروس مهتمون بالطرح العام الأولي لشركة أرامكو؛ وأحسب أن الصندوق عينه لديه الرغبة في جعل أسهم «أرامكو» ضمن أصوله الإستراتيجية.
منذ خلق اتفاق «أوبك+» العام 2016 والعلاقات السعودية -الروسية في تطور مستمر، والثقة المتبادلة بين القيادتين تزداد عمقًا، وتتشكل بموجبها علاقات استثمارية نوعية.
الأكيد أن التبادل التجاري ما زال محدودًا مقارنة بالمقومات المتاحة، أو العلاقات التجارية مع الدول الغربية، إلا أن العامين الأخيرين شهدا نموًا ملحوظًا ربما شكل قاعدة مهمة لتطوير العلاقات التجارية مستقبلاً.
أكثر من 14 اتفاقية جديدة تم توقيعها، بقيمة صفقات تتجاوز 3 مليارات دولار؛ توزعت بين الطاقة والنقل والتكنلوجيا والخدمات والزراعة؛ تعزز من الاستثمارات المشتركة بين البلدين، ومن اللافت بينها الاستثمار السعودي في قطاع الزراعة الروسي، ولعله يكون جزءًا مهمًا من منظومة الأمن الغذائي.
تشكل زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للسعودية تعزيزًا للشراكة الاقتصادية، وتوسعًا أكبر في الاستثمارات المشتركة، وبخاصة ما ارتبط منها بأهداف رؤية 2030 وفي مقدمها الطاقة بشكل عام، والطاقة النووية السلمية بوجه خاص، الصناعات العسكرية، الخدمات، والزراعة، وستعزز آفاق التعاون المثمر والشراكة النوعية والثقة بين البلدين ويبقى الأمل معقودًا في تحويل مذكرات التفاهم والاتفاقيات المعلنة إلى واقع يمكن أن يزيد في عمق الشراكة الاقتصادية وبما يعزز العلاقات السياسية ويوحد المواقف لما فيه خير البلدين والمنطقة العربية والإسلامية بشكل عام.