اسم الكتاب هو، الأمير تركي الأول بن عبدالعزيز آل سعود، تأليف: وليد محمد البشر، إبراهيم عبدالعزيز اليحيى، من منشورات مركز الملك سلمان لدراسة تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها، جامعة الملك سعود، 1440هـ، (2000م).
احتوى الكتاب على تقديم، ومقدمة، وقائمة بالمحتويات، وخاتمة، وقائمة بالملاحق احتوت على العديد من الصور والوثائق، وقائمة بالمصادر والمراجع. وقدم للكتاب د. عبد الله السبيعي موضحاً أهمية الكتابة عن شخصية الأمير تركي بن عبد العزيز، لعظم الدور الذي قام به في فترة حرجة جدة من فترات التأسيس.
في المقدمة تناول الباحث الأسباب التي دعته إلى الكتابة عن الأمير تركي بن عبدالعزيز؛ لعدم معرفة الكثيرين عن الأمير تركي، والدور الذي قام به في معارك الدولة، وذلك يعود لقصر حياته، وأنه لم يتولى مقاليد الحكم، والإمارة المناطقية، وظهوره في وقت عصيب أيام تأسيس الدولة، وصعوبة الكتابة عن الأمير تركي تكمن في قلة المادة العلمية التي تناولت شخصيته وحياته؛ لذلك كان لا بد من التقاط المعلومة من بطون الكتب والوثائق، لكن هذه المادة قد تساهم في دراسات أخرى عن الأمير تركي، ودوره في معارك تأسيس الكيان السعودي على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود.
فيما يتعلق بالمولد والنشأة: ولد الأمير تركي في الكويت، وكانت والدته وضحاء بنت محمد العريعر من بني خالد، ولد في 1313هـ (1896م)، وقد عاش طفولته الأولى في الكويت حتى السادسة من عمره، وترعرع في كنف والديه، وجده، وعمته الأميرة نورة.
تلقى الأمير تركي تعليمه الأولي في كتاتيب الرياض، حيث تعلم القراءة والكتابة وبعضاً من أمور الدين. كما اكتسب الأمير تركي مزيداً من المعلومات والمعارف بحضور مجلس والده كان يقيمه في قصره بعد صلاة العشاء من كل يوم، وكان عبارة عن جلسة دينية وتاريخية تُفتتح بالقرآن الكريم، ثم بالتفسير، ثم بدروس التاريخ.
تزوج الأمير تركي في العشرين من عمره، وقد تأخر قليلاً في عُرف ذلك الزمن؛ بسبب انشغاله بالحملات العسكرية، وأنجب من زوجاته ولدان وثلاث بنات، مات منهم بنتان وولد في بداية طفولتهم، وبقي الأمير فيصل والأميرة حصة.
تحلى الأمير تركي بعدة صفات، فهو رفيع، له وجه شاحب ولطيف، وله عينان سوداوان صغيرتان، متقد الذهن، شجاع، ميال للمثل العليا، مضياف، محبوب لدى والديه كثيراً، وقد اشتهر بشجاعته، وبسالته العسكرية. كما اكتسب الأمير تركي مهارة ركوب الخيل والإبل منذ الصغر، وكان له اسطبل يُعد من أميز اسطبلات الخيل.
كان الأمير تركي خير من ينفذ المهام التي يوكلها الملك عبدالعزيز إليه، وخاض وهو في مقتبل عمره عدداً من الحملات الأمنية والوقائع الحربية التي كانت سبباً في توحيد البلاد، ويمكن تقسيم حياته العسكرية لعدة أقسام:
1- معارك حضرها ولم يشارك فيها، إذ كان صغير السن، لا يسمح له سنه بالقتال، وكان الغرض من حضوره اكتساب الخبرة والمعرفة.
2- معارك شارك فيها مقاتلاً ضمن جنود الملك عبدالعزيز.
3- معارك وحملات تولى قيادتها بنفسه.
ومن أهم المعارك التي شارك فيها: معركة هدية عام 1328هـ (1910م)، وحملة قرب آبار عضيب المكحول، وكذلك غارة الحمرا التي وقعت في عام 1329هـ (1910م)، وكذلك ضم الأحساء، وتعد من المعارك الحاسمة التي شارك فيها عام 1330هـ (1913هـ).كما شارك في معركة جراب عام 1333هـ (1915م)، ومعركة كنزان في العام نفسه، كما قام بالعديد من الحملات في النصف الأول من عام 1334هـ (1916م)، جعلت اسمه يتردد كثيراً في الوثائق الأجنبية، كما كلف الملك عبدالعزيز ابنه بالمرابطة في القصيم لمراقبة التحركات في جبل شمر، والقيام بما يلزم لمواجهة ابن رشيد.
اضطلع الأمير تركي بالبعض من المهام الأمنية لحفظ البلاد، وكان مع والده في قصر الحكم يكتسب الخبرة، وأثناء وجوده بالقصيم كان أهل القصيم خير سند له، وسكن في قصر ابن مهنا، وكان هذا القصر استخدم مقراً وبيتاً للإمارة، وحصناً للدفاع عن الحامية.
اكتشف المؤلفان بعضاً من مسيرة الأمير تركي من خلال كتابات وصور الغربيين الذين التقوه ومنهم: شكسبير، وكذلك جيرالد ليتشمان، وروبيرت هاملتون، وهاري سانت جون فلبي. حيث انبهر كل من قابله بشخصيته الفذة، وبشاشته، وفروسيته، وشجاعته.
توفي الأمير تركي إثر إصابته بوباء الإنفلونزا الإسبانية التي انتشرت بعد الحرب العالمية الأولى، وسميت هذه السنة سنة الرحمة 1337هـ (1918م).حيث قضت على الكثير من سكان الجزيرة العربية. ورغم محاولة الملك عبد العزيز إلى الاستعانة بالأطباء من الأقطار المجاورة إلا أن استفحال المرض وانتشاره أكبر من المقدرة على السيطرة عليه.
حقيقة يشكر المؤلفان البشر واليحي على هذا السفر التاريخي القيم، الذي أضاف للمكتبة السعودية إفادة جديدة وممتازة عن بطل ساهم مع والده في معارك التأسيس، ورغم صعوبة الكتابة عن هذه الشخصية الفذة لقلة المادة العلمية إلا أن ما كتباه يعد نواة قوية لمشاريع بحثية قادمة .كما أن المؤلفين لم يتوانا ويأليا جهدا في العودة إلى كل ما من شأنه الإسهام بذكر شخصية هذا الأمير ومناقبه، ورغم حداثة سنه إلا أنه ساهم في العديد من المعارك المهمة والحاسمة في فترة التأسيس. ولعل الدراسات القادمة تساهم أيضاً في إضافة ما هو جديد عن شخصية الأمير تركي بن عبد العزيز. كما يشكر مركز الملك سلمان لدراسة تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها على دعم ونشر مثل هذه المشاريع البحثية، والتي تسهم في خدمة تاريخنا المحلي، ومساعدة الباحثين على سبر أغوار مواضيع بحثية جديدة لم يتم التطرق لها من قبل.
** **
د. مريم بنت خلف بن شديد العتيبي - الخرج