عمر إبراهيم الرشيد
كان طفله في سنواته الأولى يتعرَّف على ألوان الحياة وينشر البهجة والجمال في أرجاء البيت وقلبي والديه، كما هم أحباب الله ببراءتهم ونقائهم وجمال أرواحهم. ولا تدوم الدنيا على حال وقدر الله نافذ، فقد بدأت حال الطفل بالتبدل وعلامات اعتلال صحته بالظهور، فأسرع به والده إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض لفحصه فكانت الصدمة، فقد شخص الأطباء حالته بمرض سرطان الدم (لوكيميا). أخذ الهلع والحزن بقلوب والديه وأقاربه، فهذا المرض يثير هذه الأحاسيس وخصوصاً أن هذا حدث بداية الثمانينيات (1981) والمرض لم يكن معروفاً وبهذا الانتشار حتى على مستوى العالم في تلك الفترة، ولم تكن الإمكانيات الطبية كما هي اليوم. المصائب تبدأ كبيرة ثم تصغر مع الوقت وهذا من لطف الله بخلقه، وأخذ الأب ابنه إلى أمريكا لاستكمال علاجه في مركز متخصص هناك، وكان أن خضع لخطة علاج مركزة بدأ الطفل معها بالتعافي تدريجياً بفضل الله. وبما أنعم الله على الأب من فضله قرَّر إنشاء مركز مماثل في المملكة وهو الوحيد خارج الولايات المتحدة في تلك الفترة، شكراً لله تعالى وخدمة للوطن وأبنائه ممن هم بمسيس الحاجة لمثل هذا الصرح. ولعظم الصدقة والإحسان (داووا مرضاكم بالصدقة)، فقد لاحظ الأب أن حالة الابن وصحته تتحسَّن كلما تقدَّم إنجاز المشروع! حتى أتم إنشاءه وتجهيزه بأحدث الأجهزة الطبية اللازمة لهذا النوع من الأمراض، بتكلفة بلغت أربعمئة وخمسين مليون ريال وهذا منتصف الثمانينيات الميلادية! هذا الرجل هو أخي الدكتور ناصر الرشيد والطفل هو ابنه فهد - حفظهما الله، والمركز الذي أنشأه هو مركز الملك فهد الوطني لأورام الأطفال بالرياض، حيث تم افتتاحه عام 1997 بعد أن تسلّمه مستشفى الملك فيصل التخصصي لإدارته وتشغيله كصرح طبي مشهود له على مستوى العالم في العلاج والبحوث على حد سواء. ولله الحمد والمنَّة ثم لقيادة هذا الوطن المعطاء وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله- لمنح صاحب هذا المشروع وغيره من المشاريع الخيرية وسام الملك عبدالعزيز تقديراً لخدمته ووفائه لوطنه، حفظ الله هذا الوطن قيادةً وشعباً، وإلى اللقاء.