خالد بن حمد المالك
كل دول العالم أعلنت شجبها واستنكارها، ونددت بالعدوان التركي على سوريا، وطالبت أنقرة بإيقافه، وحذّرت من تداعياته على الأمن في المنطقة، إلا قطر، فقد سارعت إلى تأييده، وبررت له، وتجاهلت موقف الجامعة العربية المنددة بالعدوان، وتناست الدوحة أن سوريا دولة عربية، ولا يصح ولا يجوز لها مناصرة تركيا في غزوها لسوريا، وتأييد الجيش التركي في استباحته الأراضي السورية.
* *
لا أعرف إن كان هذا التأييد القطري لجرائم الرئيس التركي أردوغان صادراً من موقف الحقّ السيادي لقطر، أم أن هذه الإمارة الصغيرة لا حول لها ولا قوة في أخذ موقف كهذا، كونه أملي على أميرها من موقع القوة والتأثير لدى السلطات التركية، ما لا تستطيع قطر أن ترفضه، أو تتردد في قبوله.. بعد أن اختارت لنفسها أن تكون بهذا الموقف المذل، وبهذه التبعية المخزية لنظام تركيا، من خلال تضامن يلحق الضرر بدولة شقيقة، كما هو حال قطر في تأييدها للعدوان التركي على سوريا الشقيقة.
* *
كان على الدوحة أن تلتزم الصمت، وتنأى بنفسها عن الرهان على موقف غير مشرّف، فهذا كان أفضل خيار لها، طالما أنها لا تستطيع أن تندد بالعدوان.. لكن يبدو أنها لا تملك حتى الإرادة والقدرة والصلاحية في أن يكون موقفها سلبياً، أو مهادناً، أو مجاملاً.. فما يطلبه الأتراك ثمناً لقاعدتهم في الدوحة وحمايتهم للنظام الأميري أكبر بكثير من قبول صمتها على هذه الجريمة التركية بحقّ سوريا.. بدليل مسارعة قطر في إعلان موقفها المؤيد للعدوان التركي السافر.
* *
ومع أن تأييد قطر أو عدم تأييدها لا قيمة له، ولا تأثير منه، وهو سقطة كما هي السقطات السابقة في التعامل مع التطورات والمستجدات السياسية والأمنية والاقتصادية، وعلاقاتها الدولية مع دول العالم، وتحديداً مع دول مجلس التعاون، إلا أن هذا الموقف يظهر من جديد أن قطر تغرّد خارج مصلحتها ومصلحة أشقائها.. وأنها الآن قد تجاوزت حدود التصرف الحكيم والعاقل بمسافات كبيرة يصعب عليها الرجوع إلى نقطة البداية؛ وبالتالي حماية مصالحها، وعدم التفريط بما يطالب به مواطنوها.
* *
لا بأس أن تواصل الدوحة مسيرتها على هذا النحو، وأن تفرّط بكل ما يدينها على مواقفها من العرب، وأن تتمسك بعلاقاتها مع إيران وتركيا وإسرائيل، وأن تكون لها مصالح مشتركة وتعاون مفتوح مع حزب الله وحماس والإخوان والحوثيين وكل المنظمات الإرهابية، فهذه دويلة أصبحت مارقة ومنبوذة على حد سواء، ولن تحصد في سياساتها إلا الخيبة والفشل، ما لم تراجع مواقفها، وتتخلص ممن ورّطها ووضعها على كفّ عفريت.