محمد سليمان العنقري
محو الأمية المالية يعد تحدياً كبيراً في المجتمعات كافة، خصوصاً بدول الاقتصادات الناشئة، وقد سارعت العديد من الدول لتبني مشاريع تثقيفية في الشق المالي وظهرت جمعيات وهيئات عديدة تقوم بهذه المهمة، فالثقافة المالية تعد عاملاً أساسياً بتطور المجتمعات اقتصادياً، فهي تسهم بمعرفة الأفراد بالمنتجات المالية وأفضل الطرق للاستفادة منها مما يسهم بانعكاس إيجابي لنجاح برنامج الشمول المالي الذي تسعى له غالبية الدول.
فالتثقيف المالي ليس برامج توعوية فقط إنما مبادرات عملية وعلمية تستهدف الوصول لأغلب شرائح المجتمع بحسب حاجتها للمعلومات المالية، ويسهم بذلك الجهات المعنية كافة، وعلى رأسها مقدمو المنتجات المالية، فالهدف هو الوصول لكل فرد لكي يعرف كيف يستفيد من كل منتج مالي وتزداد معرفته بالعوامل المؤثرة على كل منتج مالي، خصوصاً الأفراد الذين يتجهون لتأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة، بالإضافة إلى الباحثين عن برامج ادخارية وتأمينية.
ورغم أن العديد من الجهات العاملة بالقطاع المالي تتولى رعاية أو إدارة برامج توعوية إلا أن التثقيف المالي يبقى مشروعاً ضخماً وله تأثيرات إيجابية عديدة تنعكس على الاقتصاد من خلال الوصول لأغلب أفراد المجتمع وتثقيفهم مالياً بوسائل وطرق عدة تبدأ حتى من مراحل التعليم المبكرة، وقد قامت العديد من الدول العربية بتبني برامج تثقيف مالي إلا أن النتائج لم تكن نسبها مرتفعة، فأفضل الدول لم تستطع أن تطبق أكثر من 20 % من المبادرات المطروحة، فبرامج التثقيف المالي تحتاج لدعم تنظيمي ومالي ودور فاعل لكل الجهات ذات العلاقة واستهداف مباشر للشرائح التي يجب أن يتم التركيز عليها لتقع تحت الشمول المالي، مما ينعكس إيجاباً عليهم من الناحية الاقتصادية.
الدول العربية تبنت التثقيف المالي كمشروع، وأطلقت حوالي 100 مبادرة نفذ منها عدد محدود لا يتعدى 15 مبادرة، ورغم أن النتائج كانت جيدة على من تم الوصول لهم وتوعيتهم بالمنتجات المالية وكيفية الاستفادة منها، لكن تبقى الثقافة المالية ضعيفة قياساً بما يمكن تحقيقه لو أن هذا المشروع أعطي حقه من الجهد والتمويل، وبما أن المملكة من أكبر دول المنطقة اقتصادياً وتعمل على تنفيذ رؤية 2030م التي تستهدف معدلات نمو عالية فإن الحاجة لتأسيس كيان كجمعية مختصة بالتثقيف المالي يبدو مهماً جداً وتكون استراتيجيتها متناغمة مع مستهدفات خطط تطوير الاقتصاد وزيادة دور الفرد بالتنمية المستدامة.