سعد بن عبدالقادر القويعي
بعد انتهاء مهلة المحتجين للاستجابة لمطالب مكافحة الفساد، وتوفير الكهرباء، والخدمات، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، والمعيشية في البلاد، -إضافة- إلى إنهاء التدخلات الإيرانية السافرة في شئون البلاد، لم يتصور أحد أن تتخذ المظاهرات العراقية الأخيرة مثل هذه الأبعاد؛ لتتحول إلى فصل جديد من المواجهة المتواصلة في مدن العراق الجنوبية، بعد أن بات الوجود الإيراني في العراق شائكاً إلى درجة تفوق التعقيد، ودون أن ينحصر هذا الدور -فقط- في التأثير السياسي، وإنما يشمل أبعاداً جيوبوليتية وإستراتيجية؛ إضافة إلى الأبعاد الثقافية والدينية.
النفوذ الإيراني الساحق في العراق، هو من المسلمات التي لا تقبل الشك، أو النقاش؛ لأن طهران ترى في العراق جزءاً أساسياً من أمنها الإستراتيجي، وساحة رئيسة لتصفية حساباتها مع دول المنطقة، وتكون بمثابة معبراً للنفوذ الإقليمي في الدول العربية المتاخمة للعراق. ومن المحتمل أن تؤدي هذه التحركات إلى خلق المزيد من الدفع العكسي من العراق، ومن ذلك: التأكيد على نفوذ إيران في العراق، من خلال دعم الميلشيات التابعة لطهران، والتي أصبحت أحزاباً تمسك بالقرار العراقي، وهذا ما يسهل لها عملية غسيل الأموال، والحصول على العملة الصعبة دون مراقبة صارمة، أو معاقبة.
في مربع آخر تصح -أيضاً- الإشارة إلى أن التدخل الإيراني السافر يقتضي منها اللجوء إلى تدخلات سياسية أكثر وضوحاً، وتأثيراً، -خصوصاً- في كل ما يتعلق بمسار القرارات السياسية الإستراتيجية؛ فأصبحت جهة التدخل تشمل -في المقام الأول- الأوساط المتنفذة في الحكومة العراقية، والحيلولة دون ظهور عراق قوي، وذلك من خلال استراتيجيات عدة، تعود -في النهاية- بالنفع على مصالح إيران بالأساس، مع يقيني بعدم تجاهل أثر تفاعلات الوضع الداخلي الإيراني الراهن، والمستقبلي في ضوء المتغيرات، والتي تجري في المنطقة على قوة إيران، ودورها.