د.عبدالعزيز العمر
فيما مضى كنا نسمع كثيرًا عبارة «احذروا التقليد»، لقد اعتدنا سماع هذه العبارة في سياق حفظ حق الإنتاج لأي سلعة اقتصادية. أما في عالم التعليم فلا يوجد حقوق ملكية لأي نظام تعليمي في أي بلد. فمثلا في فترة السبعينيات والثمانينيات اكتشفت الولايات المتحدة أن اليابان أصبحت منافسا اقتصاديا لها، فقامت باستنساخ جزئيات من نظام التعليم الياباني، وذلك في محاولة منها لإنقاذ نظامها الاقتصادي الذي كان يتهاوى خلال فترة السبعينيات، ولم ترَ الولايات المتحدة غضاضة في ذلك، خصوصا بعد أن سبقها خصمها التقليدي (الاتحاد السوفيتي) في إطلاق أول قمر صناعي يدور حول الأرض (سبوتنك). وبالمثل، عندما تبين للولايات المتحدة أن طلاب دول النمور الآسيوية (وخصوصا كوريا الجنوبية وسنغافورة) يحققون إنجازات تعليمية هائلة، وتحديدا في مجالات العلوم والرياضيات والتصاميم الهندسية، لم تتردد الولايات المتحدة في نقل بعض تجارب وخبرات تلك الدول الآسيوية. وأخيرًا عندما اكتشفت الولايات المتحدة أن طلاب فنلندا وشنغهاي الصينية يحققون معجزات في منافسات تعليمية عالمية قامت باستنساخ تجربتي فنلندا وشنغاهاي. وجدير بالذكر أن لو لم يكن النظام التعليمي الأمريكي على درجة عالية من المرونة والحرية والتنوع لما أمكنه الاستفادة من التجارب التعليمية العالمية المميزة. وقبل أن أختم هذه المقالة أود أن أشير إلى أن التقليد الذي أقصده في هذه المقالة ليس هو التقليد الأعمى (أي قص ولزق)، بل هو التقليد الواعي، أي التقليد الذي يعرف صاحبه ماذا يريد وماذا يأخذ تحديدًا من تعليم الآخرين ولماذا، وماذا يدع ولماذا.