د. أحمد الفراج
نواصل رحلتنا مع رؤساء أمريكا. والتاريخ السياسي لضيفنا اليوم فيه الكثير من الغرابة؛ إذ تنطبق عليه مقولة: «مصائب قوم عند قوم فوائد»؛ فهو لم يترشح للرئاسة، ولم يفكر فيها، وإنما استفاد من فضيحة ووترقيت التي أطاحت في نهاية المطاف بواحد من أفضل رؤساء أمريكا، ريتشارد نيكسون؛ فعندما استقال سبايرو اقينو نائب الرئيس نيكسون تحت وطأة الفضيحة اختار نيكسون عضو الكونجرس الجمهوري جيرالد فورد نائبًا له، حسب التعديل الخامس والعشرين على الدستور الأمريكي، أي إنه أصبح نائبًا للرئيس دون أن يتم انتخابه، ثم لما غاص نيكسون في وحل الفضيحة واستقال أصبح فورد رئيسًا بشكل أوتوماتيكي حسب الدستور؛ فأكمل بقية فترة نيكسون الثانية، ثم ترشح لفترة ثانية في انتخابات الرئاسة لعام 1976، ونافسه رونالد ريجان (الرئيس لاحقًا) على ترشيح الحزب الجمهوري، ففاز فورد بترشيح الحزب، ثم خسر معركة الرئاسة أمام الديمقراطي جيمي كارتر.
الرئيس فورد، الذي وُلد في ولاية نبراسكا، وترعرع في ولاية ميتشجن، انتُخب لعضوية مجلس النواب، وخدم لمدة طويلة، وأصبح رئيسًا في فترة حرجة بعد فضيحة ووترقيت، التي أثرت بشكل كبير على سمعة الحراك الديمقراطي؛ فهي قضية تجسس وفساد سياسي من طراز كبير؛ وبالتالي كانت فترة رئاسته فترة مؤقتة ومضطربة، ريثما يستوعب المجتمع الصدمة، ويستعيد ثقته بالقيم العليا التي تفخر أمريكا بها، قيم الحرية والعدالة؛ لذا لم يحقق الكثير، وخسر معركة الرئاسة لاحقًا أمام مرشح ديمقراطي ضعيف، أي جيمي كارتر، الذي لم يكن ليفوز بالرئاسة لولا فضيحة ووترقيت، التي كان بطلها رئيس جمهوري. ورغم كل ذلك لم يصنف المؤرخون والاستطلاعات الشعبية الرئيس فورد ضمن أسوأ عشرة رؤساء، بل تم تصنيفه ضمن رؤساء الوسط نظرًا للظروف الاستثنائية التي مرت بها أمريكا، التي استطاع فورد خلالها أن يعبر بها لبر الأمان، ويجعلها تتجاوز آثار تلك الفضيحة المدوية!