غيداء ناصر الشارخ
مع هذا التطور المفاجئ والسريع، والتغيير الجذري لمفاهيم طالما غُرست في أجيال متتالية، مع تحليل ما قد حُرم لقرون عدة، وظهر عكس ذلك تمامًا، وتحريم المفاضلات التي تربت عليها أمم وتوارثتها، أو كما يقال مع «السعودية الجديدة».. من هذه الانتفاضة بدأ صراع الأجيال من جديد؛ فأُصيب مَن تغلغلت فيه أسس الماضي بالهلع، وآخر أظهر الفرح بأسمى صوره. البعض أخذ الدين كسلاح يرمي به الآخر، وآخرون جعلوا منه درعًا يحمون بها أنفسهم.
هذا الصراع ليس الأول من نوعه؛ فقد كان له بداية لا تنسى عام 1960 عندما بدأ جيل جديد حينها بمعارضة جميع معتقدات آبائهم من حيث الموسيقى والقيم والآراء الحكومية والسياسية، وما عُرف لاحقًا بجيل طفرة المواليد؛ فقد كان هناك حينها فجوة زمنية كبيرة بين الجيلين؛ وهو ما أثار الحاجة لتغيير مُلح. هذا ما يُعنى به الجيل الجديد. أما الجيل السابق فهو يستجيب كطبيعة بشرية بداية بالتخوف من كل ما هو جديد، يطرأ على خط حياته، كما عهدناه من الأجيال التي سبقت في مجتمعنا؛ فقد حرّموا الدراجة الهوائية في بداية ظهورها، وكفّروا مَن تلبس البنطال، وارتاعوا عندما سُمح بدخول جوال الكاميرا للسعودية. وقد شهدت بنفسي مَن التزمت بغطاء الوجه بين النساء خوفًا ممن تحمل جوال الكاميرا. وشُنت حملة على من أدخل «تلفاز الدش» في بيته. وفي انتشار ظاهرة المسلسلات المدبلجة كان الموقف منها على السياق نفسه.
وغيرها كثير من قصص صراع الأجيال، التي برز فيها الدين الذي لطالما فُسر من البعض بشكل خاطئ، وجُعل واجهة لحماية أنفس من يخافون من التغيير، ويهابون كل ما هو جديد.
ما نمرُّ به الآن من صراع واختلافات ليس بجديد؛ فهو عادة بين البشر؛ فالفجوة بين الأجيال موجودة دائمًا، ولكن المهم أن نواجهها بثقافة، ونقر بأن لكل جيل وقته وحقه.