مُنذ القدم وهنالك علاقة وطيدة بين الأدب والسينما حين توجه صُناع الأفلام باختيار روائع الأعمال الأدبية ليصنعوا منها أفلامًا التي لازال البعض منها خالدًا حتى الآن في ذاكرة الجمهور. ونحن هنا عندما نتحدث عن الأدب نقصد الأدب بكافة أشكاله كالشعر والنص المسرحي والقصة القصيرة والرواية ولعل الأخيرة هي أكثر توازيًا والتصاقًا بالسينما.
الرواية والسينما
تحويل الرواية أو نقلها إلى عالم السينما يختلف في الشكل التعبيري للسينما وهو “الصورة”، لأنها هي التي تضع أمام أبصارنا المكان والزمان والشخصية مُجسده ضمن إطار ثابت، بالتالي يلغي الصورة المُتخيّلة التي نشأت مع القراءة وتحل محلها الصورة السينمائية كما أرادها المخرج.
وهذا يضعنا أمام سؤال أيهما أكثر جمالية ومتعة.. خيال القارئ أم الصورة السينمائية؟
وبالرغم من أن قواعد العمل السينمائي تختلف عن قواعد العمل الأدبي إلا أن الكثير ممن قرأوا العمل الأدبي ومن ثم شاهدوه سينمائيًا يعتقدون بأنه ما علق في مخيلتهم ينبغي أن يروه كما هو في العمل السينمائي، وهذا ليس بالضرورة أن يتم كما هو، لأن الفيلم السينمائي يُعتبر قراءة جديدة للعمل، وما يُمكن التعبير عنه أدبيًا بالكتابة ليس بالضرورة أن يكون كما هو حين تحويله إلى فيلم، ففي الرواية هناك شخص واحد ساهم في إنجازها واستحضر كل أدواته ومهاراته وخبراته وهو الكاتب، بينما الأمر مختلف تمامًا في السينما فهناك فريق متكامل أنجز العمل حتى أخرجه بالصورة النهائية التي لا مجال للخيال فيها.
روائع أدبية تحولت إلى أفلام
تُعد رواية ذهب مع الريح “Gone with the Wind” للكاتبة مارغريت ميتشل من أقدم الأعمال التي تحولت لفيلم سينمائي، إذ صدرت الرواية عام 1939م. حصد الفيلم 8 جوائز أوسكار واختاره معهد الفيلم الأمريكي ليكون الرابع ضمن قائمة أفضل 100 فيلم أمريكي في القرن العشرين، وحتى عام 2006م كان الفيلم ثاني أعلى الأفلام إيرادًا في السينما الأمريكية.
رواية المريض الأمريكي “The English Patient” تحولت إلى قطعة سينمائية باذخة الجمال على يد المخرج البريطاني أنتوني منغيلا. أُنتج الفيلم عام 1996م وفاز بالأوسكار عن فئة أفضل فيلم لنفس العام.
يعزو الكثيرون شهرة فيلم العراب “The Godfather” للممثل الأمريكي “الباتشينو” الذي لعب ضمن الشخصيات الأساسية للفيلم، إلا أن الفيلم مقتبس من رواية تحمل ذات الاسم للكاتب ماريو بوزو، صدرت الرواية عام 1969م وتحولت لفيلم عام 1972م على يد المخرج فرانسيس فورد كوبولا الذي أعاد كتابة الرواية. حاز الفيلم على المركز الثاني كأعظم فيلم في السينما الأميركية من قبل معهد الفيلم الأمريكي كما حاز على الفيلم على 3 جوائز أوسكار من أصل 9 ترشيحات.
رواية الخبز الحافي هي أشهر ما كتبه الراحل المغربي محمد شكري، تُرجمت إلى 38 لغة ونقلها المخرج رشيد بن الحاج إلى عالم السينما بعد عدة محاولات لموافقة الكاتب على ذلك انتهت باشتراط شكري اختيار مواقع التصوير واطلاعه الكامل على السيناريو أولا بأول.
3 سنوات من محاولات الإقناع تكللت بالنجاح حينما وافق الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز بالسماح للمنتج سكوت ستايندروف بتحويل روايته الحب في زمن الكوليرا “Love in the Time of Cholera” إلى فيلم سينمائي باللغة الإنجليزية، لعبت فيه دور البطولة الممثلة البرازيلية المرشحة لجائزة الأوسكار فرناندا مونتينيغرو.
الجدير بالذكر أن الفيلم لم ينل على إعجاب النُقاد، حيث وصفته مجلة تايم الأمريكية بأن الفيلم منافس جدي على لقب أسوأ فيلم صُنع من رواية على الإطلاق.
** **
- إشراق الروقي