أ.د.محمد بن حسن الزير
إن من أهم دواعي وضع الاستراتيجية الوطنية لتمكين العربية هو حاجة الأمة إلى قوّة تأثير اللغة العربية، وليس حاجة اللغة في ذاتها؛ لأنها في ذاتها، قوية ومحفوظة بحفظ الله تبارك وتعالى لكتابها المقدس؛ ولكن أهلها في أشد الحاجة لحضور اللغة في حياتهم حضورا قويا في مجالاتها المختلفة، لتمدهم بالفاعلية والحيوية والإبداع، ومواجهة التحديات والمخاطر المتنوعة، التي تهدد وجودها وأمنها واستقرارها؛ وبخاصة في مجال تعزيز الهوية الثقافية والمحافظة على الشخصية الذاتية ومقوماتها الاجتماعية والفكرية؛ فحضور اللغة العربية في حياة الأمة حضورا فاعلا، يحصن وعيها الوجودي، وشعورها الحي بعناصر البقاء والمقاومة لعدوان العولمة وغزوها الفكري، وتحدياتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ويمنحها قوة إيجابية ذات تأثير في المشهد العملي الحضاري؛ من حيث إن اللغة أداة التفكير الفعالة، وسبيل إجراء المحاكمات العقلية للأمور والأشياء وتمثلها، والتفاعل معها.
كما أن اللغة العربية هي الوسيلة الجوهرية لتحصيل العلوم الإسلامية والعربية بشكل مباشر وضوري، وهي أيضا الوسيلة الأكثر فاعلية لتحصيل العلوم كل العلوم بالنسبة لمواطنيها وأهلها الذين تمثل اللغة العربية بالنسبة لهم اللغة الأم، التي تمكنهم من فهم الأشياء ومعرفتها وتصور أبعادها، وإدراك مراميها العلمية والمعرفية، بصورة أكثر دقة وتحديدا، إلى غير ذلك من الدواعي التي سبق الإشارة إلى بعضها ضمنا في المقالات السابقة.
كما أن هناك الحاجة الملحة لوضع الحل الاستراتيجي موضع التنفيذ لمواجهة التحديات والمخاطر، وحل المشكلات التي تعاني منها اللغة العربية في الواقع.
وبالنسبة للأهداف الأساسية التي يجب أن تستهدف تحقيقها مثل هذه الاستراتيجية المنشودة؛ فإن من أهمها - بإيجاز شديد - الأهداف الآتية:
1-استعادة مكانة اللغة لدي الأفراد والمجتمع ومؤسساته، وتحقيق نهضة لغوية شاملة تضخ حياة لغوية حيوية جديدة في شرايين ثقافة الأمة وحياتها المعنوية والحضارية.
2-تمكين اللغة العربية من إحداث أثرها الفعال في حياتنا العلمية والاجتماعية ونهضتنا التقنية والاقتصادية وتطورنا الحضاري والعمراني.
3- تغيير الواقع اللغوي البائس للغة العربية.
4-حل المشكلات وإزالة جميع العوائق والتحديات التي تواجه اللغة العربية، وتحد من تأثيرها وتحقيق فاعليتها المنشودة فينا أفرادا ومجتمعات.
5-الوصول إلى نهضة قوية حقيقية، تقوم على أسس من الهوية اللغوية والشخصية الوطنية، وتحقق تقدم الوطن والأمة ونهضتها المستدامة في كل مجالات الحياة المعنوية والاجتماعية والمادية؛ وبخاصة في مجال الصناعة والتقنية والعلوم الطبيعية؛ بما يحقق الاعتماد على الذات في كل الاحتياجات. وللحديث صلة.