د. صالح بن سعد اللحيدان
1- يقال: أطراه: ذكره.
2- ويقال: يطريه: يذكره.
3- وأطرأه.. وأطراه: لغتان.
4- والإطراء: هكذا: المدح والثناء.
5- وقد أطرأه: ذكره مادحاً.
6- وأصل هذه الكلمة: (أ/ طر/ أ/ ه ) فهي رباعية سماعاً.
7- ومن أطرأني: أي ذكرني يذكرني.
8- والإطراء من صفات العموم ما لم تقترن بقرينة.
9- ويطرون بتشديد الطاء لم أجدها.
والإطراء على سبيل المدح والثناء أنواع، ومن ذلك:
1- الإطراء: على الحقيقة دون مبالغة.
2- الإطراء: من باب المجاملة.
3- الإطراء: من باب التسلق.
4- الإطراء: من باب التزلف.
5- الإطراء: من باب الخوف.
6- الإطراء: من باب الإعجاب.
7: الإطراء: من باب الجهل.
8- الإطراء: من باب الإلزام.
وأصل المدح في أصله الأول أنه شبه مذموم؛ لهذا جا في الأثر (احثوا التراب في وجوه المداحين).
وأحسن شيء في هذا هو: الذكر الحسن لكل مذكور أو كل عمل جيد أو جليل، فإذا دخل شيء من المبالغة أو التهويل سقط (الإطراء) فيكون ذماً، وحينما مدح رجل رجلاً آخر، وبالغ وأطال، قال له النبي صلى الله عليه وسلم (لقد قصمت ظهر أخيك)..
ولعلي أبيّن بعض النماذج؛ لعلها تكون نافعة للعلماء والكتّاب والشعراء؛ ذلك حتى يكون الأمر على سبيل مقيم..
خذ مثلاً الإطراء المذموم (وقد كان رجلاً عظيماً بكل ما تعنيه هذه الكلمة، فله خلق جليل ووفرة كبيرة من الاطلاع، إنه عظيم بمعاملته).
فهذا إطراء مذموم؛ لأنه بالغ فيه إلى حد الوصف بالعظمة.
ولو درى ما معنى العظمة ما كتب شيئاً، ولكن لو قال (قدير) أو (جيد) أو (جيد الاطلاع حسن الخلق) لكان هذا جيداً في بابه.
إن العظمة تعني الموهبة والتجديد النوعي، وأين هي اليوم؟
لكن لعل الإعجاب يعمي ويصم.
وخذ مثلاً آخر:
(لقد سبق من كان قبله وأتعب من جاء بعده).
تأمل هذا (الإطراء)، وانظر من خلال العقل لا من خلال العاطفة، تجد أنه قد أهلك من أطراه، ومدحه دون علم منه.
لكن خذ هذا المثال:
(لقد زاملته فوجدته قديراً وحسن الأخلاق، ووجدته ذا اطلاع جيد، قلّ أن يخطئ، ومزاملته وصحبته شيء يضيف إليك علماً وحسناً).
هذا الإطراء المتسق مع روح الواقعية ووضوح الرؤية.
وإذا كان الناس اليوم يعرفون غالب العلماء، ويعرفون غالب الأدباء والمثقفين واللغويين، فإن الكلام المتسم بروح الواقعية والعقل والاتزان هو المطلوب.
وقد ذم العقلاء وحكماء القول الإطراء، خاصة: (العظيم) و(الجليل)، و(لم يوجد مثله)، و(قد سبق من كان قبله وأتعب من جاء بعده).
وكما قال النابغة الذبياني للنعمان: (أيها العظيم)، قال له النعمان: على رسلك يا هذا.
قال ذلك لأن النابغة بالغ في الوصف فاعتبر الحكماء أن النعمان بلغ غاية العقل، وبلوغ العقل إنما يكون بمعرفة المرء نفسه مهما كانت، ومعرفة القدر من كمال العقل الواعي. ولما كان الجهل بحقائق الأوصاف مزرياً جداً فقد نظم كثير من العلماء الآثار على ترك المبالغة في الوصف؛ لأنه مذلة ودال على الجهل بدلالات الألفاظ.
وهناك في (المعاجم) معاجم اللغة بدائل جيدة، يمكن أن تصف بها من تحب وتقدر، لكن دون (العظيم) ونحوها من الأوصاف التي يلحقك من جرائها لوم العقلاء وسادة الفهم السديد.
وجيء برجل في (حجة الوداع) إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ترتعد فرائصه فقال (إنما أنا ابن امرأة، كانت تأكل القديد بمكة).
وهذه سياسة العقل والحكمة والمؤانسة دون تضخيم للذات أو تكبير لها..
وهذا يعني كراهية العقلاء للتعظيم أو الخوف منهم.
والنبي - صلى الله عليه وسلم - مع أنه عظيم وعظيم لكنه أراد من هذه السياسة نهجهًا، ونبذ ما لا يمكن أن يقبله العقل والروح النزيه على كل حال.