محمد علوان
من الصعوبة بمكان أن تبدي مشاعرك تجاه صديق عشت وتعيش معه لحظة الكتابة ولحظة القراءة للذي يكتبه، ولربما تحاوره في رأي طرحه أو فكرة ناقشها في مقالة تضفي إلى المشهد الثقافي لوناً يتميز به عن الآخرين، لكل كاتب بصمته الخاصة وعبارته التي لا يخطئها القلب بعد النظر، جاسر الحربش مع الاحتفاظ بالألقاب التي يستحقها بل ويتجاوزها من القلائل الذين أدركوا أن العلم هو الطريق الأصوب له وللوطن فاتخذه سبيلا وهدفا بل وأشعل في أبنائه أن هذا الطريق هو السبيل إلى الرقي بل أن روح الكتابة، وروح النقاش التي هو سيدها صبغت أبناءه بهذه الروح وفكرة الحوار الذي يفضي إلى بيان الحقيقة لا تعميتها. جاسر الحربش وقد عرفته عن كثب من أوضح الكتاب وأكثرهم جرأةً محسوبة إلا أنها تصدر عن رؤية وتمعن وحب لهذا الوطن، مقالاته الجريئة بدأت حسب معرفتي من مجلة اليمامة التي كانت مشعلاً رائعاً يضيء الطريق، ثم كتب في مواقع متعددة ولا زال يمتعنا بكتاباته في جريدة الحياة.
أعرف عنه أنه شديد الحساسية والتي يتبعها توضيح موقفه تجاه قضية ما، لكنه يتراجع بود -إذا وجد أن رأيك صائبا- بكل وعي.
وهو من الأوائل الذين درسوا الطب في ألمانيا وهو في مقدمة الأطباء في تخصص الباطنية وعللها ويتحدث باللغة الألمانية والإنجليزية قراءة وكتابة وتحدثا.
وهو ذو حضور مدهش وعذب ومحاور يدعم وجهة نظره بمنطق علمي وذاكرة ثقافية غنية.
ولن يراهن أحد على وطنيته التي ينثرها في مقالاته المتعددة وصدقه فيما يقول. هذا الإنسان بكل المعاني لا يطرح نفسه إلا ككاتب تنويري ومتجاوز، وحتى في بعض مقالاته يطرح وجهة نظره من ناحية طبية صرفة ليهدي الحائرين إلى الغذاء المتوازن وإلى التوازن الطبيعي مع نواميس الطبيعة التي أفسدها الإنسان في المأكل والمشرب والسهر. وإذا كان هناك أمنية أرغب أن ينفذها الدكتور جاسر فهي أن نرى مقالاته الممتعة وأن يصدرها في كتب متعددة وهو يمتلك إرشيفا كبيرا من المقالات اجتماعيا وطبيا وسياسيا وهو قادر على تنفيذ ذلك. شهادتي في هذا الكاتب مجروحة لأنني أحد أصدقائه وهم كثر وأدين له كطبيب مقتدر ومتخصص. جاسر الحربش الإنسان والطبيب والكاتب الذي يقرأه الجميع لأنه وطني وصادق فيما يكتب أو يتحدث.