خالد الربيعان
ما هي أغلى قطعة قماش ارتداها الإنسان؟ على حسب علمي المتواضع كانت «بدلة» رجالية من إنتاج مصمم شهير من مواليد مدينة «ليفربول». الرجل يصمم حتى ملابس كرة القدم. هو ستيوارت هيوز. قماشها كان مرصعًا بقطع من الماس الصغير عند الرقبة. كان سعرها 892 ألف دولار، أي تستطيع القول بفم «مستريح»: بدلة بمليون دولار!
إلا أن هناك أغلى! وهي القطعة القماشية التي يرتديها نجوم كرة القدم، ونسميها القميص أو التيشرت. والسر ليس وجود علامة النادي في أعلى يساره! بل في (مَن) يرتديه، أي اللاعبين والنجوم، وهم أغلى اللافتات الإعلانية في تاريخ الإعلان والتسويق.. لافتات «حية»، تحمل أسماء وعلامات شركات تعلن على هذه القطعة القماشية!
لأجل ذلك راعي ريال مدريد «أديداس» الألمانية احتجت لإدارة النادي على احتفال «رونالدو» في بداياته بالعاصمة الإسبانية؛ إذ كان يخلع القميص بعد الهدف - كما تعوّد - بإنجلترا. الرجل معجبٌ بعضلاته، حقُّه، لكن في الوقت نفسه هذه اللحظة هي كل ما تنتظره أديداس ورعاة قميص النادي؛ لأنها اللحظة الأقرب للنجم وزملائه أمام الكاميرات، وهي اللحظة التي يتأكد فيها الراعي بلا شك أن «المشجعين/ المستهلكين» أمام الشاشات؛ لأنها لحظة الجول أو الهدف. فيما بعد غيّر رونالدو احتفاله، واستبدله بواحد آخر يرضيه، ويُرضي الجميع، خاصة الرعاة، هو احتفال «التورنادو» الشهير.. الذي أراح الأطراف كلها؛ لأن رونالدو يؤديه وينهيه مرتديًا قميصه! قميص مانشستر يونايتد - مثلاً - لا يساوي مليون دولار كـ»بدلة» هيوز الماسية.. بل يساوي أكثر منها بمئة ضعف! نشرح: 75 مليون باوند مقابل وضع علامة «أديداس» في أعلى القميص، و53 مليون تدفعها جنرال موتورز الأمريكية مقابل وضعها شعار إحدى سياراتها «شيفروليت» على صدر القميص، و20 مليونًا تدفعها «كوهلر» الأمريكية أيضًا مقابل وضع اسمها على كتف القميص!
مجموع ذلك 148 مليون باوند، تمثل مع باقي الرعايات 48 % مما يدخل لخزانة النادي سنويًّا! وهو رقم أعلى مما يحققه النادي من بيع تذاكره، ومن بث مبارياته. أيضًا هذا الرقم (إلى تناقص) ما لم يتعاقد النادي مع «نجوم» جدد - مع بوجبا - بعد رحيل لوكاكو وسانشيز لإيطاليا، والإبقاء على الحارس «دي خيا» الذي تتضخم رغبة رحيله «طرديًّا» مع كم الأهداف في شباكه كل مباراة لسوء مستوى زملائه، والضعف الخططي لمدربه!
التسويق عبر النجوم المؤثرين أو Influencer Marketing أصبح أنجح أساليب التسويق والإعلان في هذا العصر؛ لأنه «متناغم» تمامًا ومتفق مع أدواته، وهي «التقنية والاتصالات والإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي».. وهي استراتيجية تسويق، أتت - مثالاً - بعملاق صناعة الكمبيوتر «إنتل»: في رحلة من وادي السليكون بأمريكا إلى إسبانيا! لتعلن عن تقنية «intel inside» على قميص برشلونة، عبر وضع شعارها «معكوسًا» داخل القميص بحيث إذا قلبته تجد شعار الشركة مقروءًا بالطريقة الصحيحة، رعاية «inside» أيضًا!
إنتل هنا سوّقت عبر الرياضة، وتحديدًا عبر نجومها، وهي طريقة «مضمونة» النجاح لأي كيان تجاري.. التسويق بالمؤثرين أو النجوم تقوم به الأندية قبل الشركات؛ فمانشستر سيتي كان عبر تاريخه يلعب دور «مساعد البطل»، والبطل هنا كان جاره في المدينة: يونايتد! وانتقل السيتي من خانة المساعد لخانة البطل.. بإنفاق أكثر من مليار باوند منذ 2008 على «نجوم» يشهرون النادي بشكله الجديد ومالكيه العرب!
في الوقت نفسه الذي يتخلى فيه «يونايتد» عن نجومه.. بداية من مدرب «نجم» هو السير «أليكس»، مرورًا بـ«بيكهام» الذي ذهب لأمريكا كي يمارس دوره التسويقي في بلد «التسويق الرياضي»، وانتهاءً بـ«رونالدو».. حتى انتقل «اليونايتد» هذه الأيام من دور البطل.. لدور «المساعد»!
أندية ودول!
الأندية، بل الدول، نجحت بالنجوم في «التسويق» لدوريها، أو لكأس عالم تستضيفه! شاهدنا مارادونا بمفرده يحرز لنابولي «الاسكوديتو» أو لقب الدوري لأول مرة في تاريخه. الولايات المتحدة نقلت دوريها من «العادية» إلى النجاح عبر التسويق بـ«الجوهرة السوداء/ بيليه» في كوزموس، والقيصر بيكنباور في النادي نفسه، ومواطنه جيرد مولر في فلوريدا، وكرويف في واشنطن، وفي السنوات الأخيرة بيكهام في لوس أنجلوس، ثم تيري هنري، لامبارد، روني وجيرارد.. وأخيرًا أكثر النجوم غرورًا في تاريخ اللعبة: زلاتان إبراهيموفيتش!