فضل بن سعد البوعينين
برزت أهمية التوطين، وتعزيز المحتوى المحلي في القطاع النفطي بعد تعرض معامل بقيق وخريص للتخريب المتعمد. تعطل المجمع النفطي الذي يعالج ما يقرب من ثلثي الإنتاج السعودي لفترات طويلة يعني انخفاضاً حاداً في الصادرات السعودية، وتعطل إمدادات الغاز لقطاع البتروكيماويات، وتقلصاً في إيرادات الخزينة العامة. كما يعني أيضا تدخلاً من منظمة أوبك لسد النقص الطارئ والمؤثر في الإمدادات العالمية ما يهدد حصة المملكة مستقبلاً. كفاءة أرامكو السعودية وقدراتها التشغيلية؛ لم تكن كافية لإعادة تشغيل المجمع النفطي؛ بمعزلٍ عن توفر المعدات والأجزاء وقطع الغيار البديلة. من الطبيعي أن تحتفظ الشركة في مستودعاتها بقطع غيار ومعدات يكثر الطلب عليها بسبب الاستهلاك، إلا أن احتفاظها بأجزاء كاملة من المعامل، أو الأجزاء والمعدات ذات العمر الطويل، أمر مستبعد، لعدم الحاجة الدائمة لها، ولخفض تكلفة المخزون، ولضمان جودته وقت الحاجة، ولتوفر الوقت الكافي لطلبه في حال اتخاذ قرار الاستبدال لدواعي السلامة أو الكفاءة. لذا برزت أهمية توفر سلاسل الإمداد في السوق المحلية؛ وإمكانية تصنيع بعض الأجزاء المطلوبة محليا وبسرعة فائقة، لاختصار زمن إصلاح المجمع، وضمان إعادة تشغيله في فترة زمنية قصيرة. كما برزت أيضا أهمية المعرفة لدى موظفي أرامكو، وتحديدهم بدقة مواقع قطع الغيار أو الأجزاء المطلوبة لإصلاح المنشآت المستهدفة، الموجودة في المعامل الجديدة التي تقوم الشركة بإنشائها في مواقع مختلفة من المنطقة الشرقية.
المهندس أمين الناصر؛ رئيس شركة أرامكو السعودية؛ أشار في أكثر من مناسبة إلى البعد الإستراتيجي لتوطين الصناعات المساندة للقطاع النفطي، وأهمية توفر قطع الغيار المطلوبة محلياً لمواجهة المخاطر غير المتوقعة والتي تتطلب قدرات تصنيعية محلية بدل الاعتماد على الاستيراد الذي يكلف الشركة وقتاً أطول مما يجب، وأبدى خلال لقائه برؤساء تحرير الصحف السعودية ومجموعة من الكتاب إشادة مستحقة بالموردين المحليين الذين كان لهم الفضل بعد الله في توفير متطلبات الإصلاح بشكل عاجل وبكفاءة تصنيعية مكنت أرامكو من إنجاز أعمال الإصلاح في فترة زمنية قصيرة.
كشف العمل التخريبي الذي طال مجمع بقيق النفطي ومنشآت في خريص أهمية تعزيز المحتوى المحلي الذي شددت عليه رؤية المملكة 2030؛ وأهمية برنامج أرامكو السعودية لتوطين الصناعات والخدمات المتعلقة بقطاع الطاقة والوصول إلى توطين ما نسبته 70 % من احتياجاتها، من خلال برنامج «اكتفاء» الطموح.
تطوير سلسلة الإمداد؛ وتطوير القوى العاملة؛ والمشاركة في المشروعات المحورية من أهم مرتكزات تطبيق برنامج «اكتفاء»؛ وأهداف رؤية 2030 الصناعية؛ ومن أهم ما تحتاجه المملكة لتحقيق أمنها الإستراتيجي في قطاع النفط، والقطاعات الأخرى على حد سواء.