مها محمد الشريف
يبدو أن تركيا بين الضرورة والاتفاق بعد تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بـ«محو» اقتصاد تركيا إذا تخطّت الحدود في سوريا، حيث توعَّد ترمب الاقتصاد التركي «بالتدمير التام والمحو» إذا أقدمت أنقرة على أي فعل يعتبره «مجاوزاً الحدود»، وذلك عقب قراره سحب قوات أميركية من شمال شرق سوريا.
إلى أي حد ستصل التهديدات الأمريكية بعد قرار ترمب سحب الجنود الأميركيين وترك الأطراف الضالعة في النزاع «تحل الوضع». مؤكدًا: «على تركيا وأوروبا وسوريا وإيران والعراق وروسيا والأكراد الآن حل الوضع»، معتبراً أنه «آن الأوان لكي يخرج من هذه الحروب السخيفة والتي لا تنتهي، والكثير منها قبليّ». ولفت إلى أن «الأكراد قاتلوا معه، لكنهم حصلوا على مبالغ طائلة وعتاد هائل لفعل ذلك. إنهم يقاتلون تركيا منذ عقود».
ما دمنا نعيش في عالم مثخن بالحروب والمواجهات فإننا لا نتجاوز سطح الحقيقة، وما يجيش بالأعماق يتطلب جهداً كبيراً لكي نقدمه كنسخة حقيقية ترفع من شأن قيمته ومغزاه، بتركيز الاهتمام على الأهداف الكبرى بوصفها بناءً حجاجياً نستدل به على الدور الذي تقوم به القوى الدولية، وإدراك التحولات والرهانات التي لا نملك عنها إلا فكرة غامضة غائمة، فروسيا تسوّق بما يتوافق مع مصالحها ولن تقتسم نفس القدر وخاصة بعد تشبيه أردوغان برئيس أوكرانيا المعزول وسيكون تغيير السلطة في تركيا على غرار الميدان الأوكراني، فبعض الإشارات من أوروبا تخبر بأن الاحتمال كبير بالإطاحة بـ«أردوغان، على طريقة الإطاحة بيانوكوفيتش في «أوكرانيا»..
لا شك أن النموذج التركي صنعته الإيديولوجية العلمانية والقومية وتأثر بشكل قوي جداً بالمفهوم الثوري للدولة، فليس مستغرباً أن تقود تركيا حروباً على عدة جبهات في سوريا وليبيا وأيضاً مواجهات وتحديات مع قبرص، حيث تحدثت تقارير صحفية روسية عن حاجة أردوغان للحروب في سوريا على مناطق سيطرة الوحدات لإشغال الجيش كي لا ينقلب عليه وكي لا تنضج شروط أزمة خطيرة في تركيا. بينما تعلن إكمال الاستعدادات لشن عملية عسكرية شمال شرق سوريا وترسل تعزيزات إلى حدودها.
حتى بعدما صعَّد الرئيس دونالد ترمب لهجته وهدَّد تركيا بتدمير وطمس اقتصادها بالكامل إن هي تجاوزت الحدود ما زالت الاستعدادات التركية قائمة، ومما لا شك فيه سيكون للأفكار القومية الأوروبية وقع مشؤوم على إثر هذه التحديات من أردوغان في ظل التنافس المحموم على هذه المنطقة الإستراتيجية.