د. أحمد الفراج
تتواصل الرحلة مع رؤساء الإمبراطورية الأمريكية، وضيفنا اليوم هو الديمقراطي، جيمي كارتر، المزارع البسيط المتديِّن، الذي عاش معظم حياته في ريف ولاية جورجيا الجنوبية، فقد كانت أسرته تملك مزارع فستق شاسعة، وبعد أن تخرَّج من الجامعة، واصل مهنة الزراعة، ثم دخل معترك السياسة، وفاز بمقعد في مجلس شيوخ الولاية، ثم فاز بحاكمية ولاية جورجيا، ومما يحسب له أنه كان ضد سياسة الفصل العنصري، التي كانت تُمارس في الجنوب الأمريكي وتحميها القوانين، وقد فاز كحاكم لجورجيا بأجندة العدالة والحقوق للجميع، وعندما ترشح للرئاسة في انتخابات 1976، لم يكن معروفاً خارج نطاق ولايته، ولكنه فاجأ الجميع بالفوز بالترشح عن الحزب الديمقراطي في انتخابات الحزب الديمقراطي التمهيدية، ثم فاز على الرئيس الجمهوري، جيرالد فورد، وغني عن القول إن فوز كارتر على فورد كان متوقعاً، إذ إن الأخير لم يتم انتخابه رئيساً من قِبل الشعب، بل خلف الرئيس المستقيل، ريتشارد نيكسون.
كان للرئيس كارتر إنجازات داخلية وخارجية كثيرة، فقد عفا عن المتهرِّبين من حرب فيتنام، وأنشأ وزارات جديدة، وتعتبر أهم إنجازاته هي صفقة السلام بين مصر وإسرائيل، ولكن فترة رئاسته تعكّرت بسبب قضية الرهائن الأمريكيين في طهران، والتي كانت سبباً لخسارته الرئاسة. ويتميّز كارتر عن معظم الساسة بأنه صاحب مبادئ وقيم، اكتسبها من حياته الريفية، فلم يعهد له زلات أو مخالفات، أو حتى تصريحات حادّة، وهناك من يرى بأنه كانت هناك صفقة بين الجمهوريين ونظام الخميني، تم بموجبها تأجيل إطلاق الرهائن حتى نهاية الانتخابات، ولا يستبعد ذلك، إذا ما علمنا عن فضيحة إيران- جيت، ورغم كل إنجازات هذا الرئيس الريفي، الذي يعتبر أكبر رئيس سابق معمر، إذ يبلغ 95 عاماً، والوحيد الذي عاش 40 عاماً بعد دخوله البيت الأبيض، إلا أن تصنيفه حسب معياري المؤرِّخين والاستطلاعات الشعبية يضعه دوماً في الوسط، أي ليس ضمن الأفضل ولا ضمن الأسوأ، وفي تقديري أن هذا تقييم عادل!