فهد بن جليد
هناك مقولة مصرية تصف موضوعنا اليوم بطرافة (قليل أدب عنده شوية معلومات) وذلك عند وصف شخص يملك شهادة (درجة علمية) من العلم والمعرفة أو الفهم المعلوماتي والمادي ولكنه يفتقد للأخلاق الإنسانية الحميدة في تعامله مع الناس، التي يفترض أنَّ العلم والفهم والإدراك المعرفي يتوج به، قبل أن تصبح الشهادة العلمية بلا قيمة دون أخلاق، ولعلَّ هذا ما جعل سباق التسلح بالأخلاق في دول العالم اليوم على أشده، فهو لا يقل أهمية وضراوة عن معركة العلم والفهم وطرد الجهل، فإذا كانت ثقافة المنزل والمجتمع المحيط لا تدعم مشروع التنشئة الأخلاقي بكل منعطفاته وتحدياته، التي نستمدها في الأصل من ديننا الإسلامي، فيمكن منح المدارس ومناهج التعليم الفرصة للقيام بشيء من هذا الدور على الأقل للحفاظ على خيط رفيع في شخصية الطالب والطالبة للتحلي بقيم التسامح والاحترام، والتعايش الفطري وتعزيز السلوكيات الإيجابية والقيم الأخلاقية لديهم، ونحن مقبلون على توافد أعداد كبيرة من السياح على بلادنا يتطلب التعامل معهم حمل مثل هذه القيم وتعزيزها في نفوس النشء، فضلاً عمَّا تعيشه المُجتمعات الإنسانية من تغير واختلاف مستمر عن ذي قبل، فالأمانة والصدق والوفاء وحسن المعشر لا يمكن أن تقدمها المناهج التعليمية المعرفية العلمية الصرفة، إذا لم يكن بها جانب أخلاقي تعليمي.
استكمالاً لحديث الأمس حول إدراج مادة (السنع) ضمن مناهج التعليم في المدارس الإمارتية، واقتراحي حول إدراج مناهج تعليم فنون التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، أعود إلى مُقترح قديم كتبته هنا في 28سبتمبر 2016 بعنوان (هل تطرح وزارة التعليم مادة التربية الأخلاقية) مع إيماني بأنَّ جميع المناهج بمختلف علومها تهدف لبناء شخصية النشء بشكل صحيح من الناحية الدينية والوطنية والتربوية والعلمية، ولكن إفراد منهج خاص بضرورة التحلي بالقيم والأخلاق وكيف يكون ذلك، أمر في غاية الأهمية لا يجب التنازل عنه مُطلقاً.
الأخلاق قضية حاسمة في العملية التربوية والتعليمية.. لا أحتاج إلى طالب أجوف يحفظ المُعادلات الرياضية والعلمية، وقوانين الطبيعة والمعرفة، ولكنَّه لا يملك روح المُنافسة والفروسية مع الأقران، ولا يجيد الاختلاف مع الآخرين، بعيد عن التحصين وطرق النقاش الهادفة، حاد في أفكاره وقناعاته.. صحيح أن المناهج العلمية قد تمنحني طالباً متفوقاً دراسياً ومعرفياً ولكنَّها لن تمنحني بكل تأكيد ابناً صالحاً باراً بوالديه ووطنه إذا لم نعمل على ذلك مبكراً.
وعلى دروب الخير نلتقي.