د. خيرية السقاف
الإبادة الطاحنة في العراق، لم تثن عزائم العراقيين، والعراقيات
طفلة وقفت تتحدى بالمناظرة في شأن وطنها من تأخروا عنه، من أضعفوه،
من تولوه ولم يرحموه..
نساء تهرول بنقابها لقلب الساحة كي تصيب من أصابوه..
وكل الجثث تناثرت بفتك الصواريخ، والذخيرة الحية
و... وكشفت اللاقطات، وأباحت الأصوات، والصور
مالا يستطيع كائن أن يقلب الحقيقة في صور أخرى
حقيقة السطو، والهدر، والغدر، والطمع..
كل هذا..
وأولئك المحركون عصا الظلم فوق مقاعدهم يقررون متى يبقون حماة، ومتى ينسحبون اكتفاء؟..
بينما هناك أولئك الآخرون من يحشدون على شماله جيوشهم، ومن يتكهنون بقدراتهم، ومن يعزمون باحتلالهم..
وهناك الخافي المختفي المحرك من تحت الماء..
والساحات حرب، إبادة واحتلال، إعادة للتاريخ في أبشع صور الإبادة، والعدوان..
يقال إن هذا زمن الحضارة في أوجها، والعدالة في دقتها، والحقوق في أقلها، والبناء في أوجه، والعلم في أوسع آماده!!..
بل الإنسانية في أوج مكاسبها، والحرية في أقصى تفاصيلها!!..
هيهات..هيهات..
حتى الحمام الزاجل عاد من العراق يحمل من بين ألسنة النار، وشظايا الجثث،
وعويل الثكالى، ونواح المحروقين، وبكاء الرضع، وابتهالات الركع رسائل الفجيعة في الإنسان..
إنسان السلام الوهمي..
إنسان الحقوق المائية..
إنسان الأمن المدعى به..
إنسان الحرية المغتالة..
بل إنسان العصر الدموي، والضمائر المتوفاة..
والحق المهدر، والقوة الغادرة..
الصورة قاتمة..
والأرض خراب..
من كل صوب تتنازعها الأهواء، والأغراض، والغايات..
بوسائلها ذات البريق الخارجي، لهيبها يتقد بكل فحش، وسوء نوايا،
ترمي بالإنسانية في قاع البركان،
تضرب بالحقوق عرض أسوار تنقض بعفنها..
فسلام على الأمان، وقوى الأطماع تفرد أجنحتها وتتسع..
تفتك ولا ترعوي، تنأى عن كل ما في عصبة الأخلاق، من قيم، تتجرد من كل الفضائل والشيم، تفرغ من قوامات الاختلاف النزيه في السلم، والخرب، تطوح بالحق العفيف في الحدود، والقيود..
فلك الله يا عراق،
كما لك الله يا سوريا، كما لك الله يا فلسطين..
فكن لهم يا رب المنقذ، المعين، الناصر المبين.