د.ثريا العريض
آمل ألا أكون أحلم حين أقول إنني أنتظر في خطوة رسمية قادمة أن نجد رائدات من ذوات الخبرة يخترن للتكليف مستشارات في الديوان وللتعيين وزيرات. فمتطلبات الاقتصاد والأمن تحتم ذلك وفي رؤية الحزم جاهزية اتخاذ القرار. وقد فتحت نجاحات مبادرات الرؤية الباب للحالمين والحالمات بالمشاركة في البناء اقتصاديا وأمنياً. والأوضاع الراهنة تتطلب تكاتف ومشاركة كل القادرين والقادرات والمؤهلين بالعلم والتخصص والخبرة.
جيل الشباب يتميز بالحماس والرغبة والتأهيل, ولكنه يفتقد الخبرة التي يتعلمها الفرد على رأس العمل. ووجود ذوي الخبرة من المواطنين والمواطنات المميزين في الأداء إلى جانب الشباب يدعمون الإنجاز في دور الاستشاريين والمديرين والمدربين سيسرع الاستغناء عن المستشارين الأجانب الذين يفتقدون الولاء للوطن.
ما علاقة الاقتصاد والأمن بأوضاع المرأة..؟
لنأخذ المرأة السعودية مثالاً.. باختصار شديد تفرضه مساحة الزاوية؛ أوضاع الطفرة المادية في الثمانينات وتداعياتها التي سمحت بتدفق العمالة الوافدة, وبتعدد الزيجات والإنجاب -وبالتالي ارتفاع عدد المعالين- لم تستمر. في حين إن التطورات الديموغرافية زادت الوضع تعقيداً, حيث تصاعدت نسبة الشباب من الجنسين بين السكان حتى أصبحت تمثل تحدياً كبيراً لصانع القرار والخطط التنموية, لتزامنها مع ارتفاع معدلات البطالة وتفضيل العمالة الوافدة, حيث المناهج بعد أضحت لا تتواءم مع احتياجات سوق العمل في القطاع الخاص الذي لم يتحمس لتدريب الشباب أو طلباتهم المكلفة، بينما القطاع العام لم يعد يستطيع استيعاب كل الخريجين والخريجات في وظائف إدارية كما اعتاد الجيل الأسبق من الخريجين. في ذات الوقت أشرعت تقنيات التفاعل الفضائي والإلكتروني الباب الخلفي لمعرفة تطورات العالم وراء الحدود ومقارنتها بفرضيات التقاليد والتشدد.
هناك من يحجم من دور النضج الذي أوصل صانع القرار إلى اتخاذ القرارات المفصلية في أوضاع المرأة, وينسبها إلى الضغوط الغربية. وقد يكون لها بعض الأثر في تشجيع قرار التصحيح, ولكن المتأمل في الخطط التنموية الأسبق زمناً يجد أنها تتضمن إعطاء المرأة دوراً أكبر في المشروعات المتخذة وأن البحث عن طرق لتفعيل هذه القرارات وتمكين المرأة عبر التعليم والتدريب والتخصص والتغلب على التوجس المجتمعي كان مستمراً.
البرامج المؤسساتية الجديدة التي استوعبت مشاركة المرأة بكفاءة وفعالية؛ مثل الحوار الوطني والأمان الأسري وحقوق الإنسان والشورى والمجالس الاستشارية والبلدية والغرف التجارية ومناصب قيادية في الوزارات؛ أثبتت عمق وصدق الرؤية التي فتحت للمرأة أبواب الترحيب خارج ما تقبله المجتمع كوظائف نسائية في التعليم والصحة والفروع النسائية لمؤسسات الخدمات كالبنوك والمشاركة في النشاط الأكاديمي التخصصي.
ما أراه مشجعاً وداعياً للتفاؤل أن المرأة نفسها بدأت تتقبل متطلبات الدور الفاعل, وتثبت الآن قدرتها على تحمل المسؤوليات المناطة بها في الإدارة العامة والعليا, مقتنعة أن الصعوبات والتشكيك والرفض من بعض أفراد المجتمع هي تحديات لها وللقيادة ستتغلب عليها بإصرارها على إثبات الذات وتأكيد صحة النظرة التي منحتها ثقة التعيين والدعم, ومتفهمة أن معارضة بعض فئات المجتمع لتغيير الوجهة سببها التخوف وستزول حتماً بالاعتياد.