فضل بن سعد البوعينين
شككت جهات غربية متخصصة في صناعة النفط بإعلان أرامكو السعودية السيطرة على الأضرار الناجمة عن العمل التخريبي الذي استهدف معاملها في بقيق وخريص.
أرقام الإنتاج، وحركة ناقلات النفط من الموانئ السعودية، والالتزام بعقود التسليم في وقتها دون تأخير من أهم مؤشرات دقة المعلومات المتعلقة بعودة الإنتاج إلى سابق عهده، وعلى الرغم من موثوقية تلك الشواهد المحسوسة والمرئية؛ إلا أنها لم تسهم في إزالة شكوك المتفاجئين بحجم الإنجاز والعمل مقارنة بالأضرار الكبيرة!
والسؤال الأهم كيف نجحت السعودية في تجاوز أزمة العمل التخريبي في فترة زمنية قصيرة؟ وكيف أقنعت العالم بذلك؟
بداية يجب الإشارة إلى أن ما تعرضت له أرامكو لم تتعرض له أي شركة من قبل، كما أن ما حققته من إنجاز تشغيلي لم يحدث في أي جزء من العالم المتقدم؛ وهذه توطئة يجب أن تذكر ابتداءً.
لم تكن مسؤولية إدارة الأزمة مرتبطة بجهة واحدة، رغم الإشراف المرجعي الموحد على أركانها الرئيسة.
تعاملت القيادة بحكمة وأناة مع الحدث، وركزت على جانبين رئيسين؛ معالجة تداعياتها التشغيلية، واستكمال التحقيقات الأمنية باحترافية. إشراك المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة وبعض الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن شكل منعطفاً مهماً في إدارة الأزمة من الجانب السياسي، القانوني، الأمني والاقتصادي.
كان لوزارة الطاقة دور مهم في طمأنة الأسواق وإحاطة العالم بتفاصيل ما يحدث في قطاعها النفطي. شفافية سمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان وعقده مؤتمراً صحفياً بُعيد الحادث وإعلانه عن عودة الإنتاج أسهم بشكل مباشر في طمأنة الأسواق والعالم.
أعتقد أن سمو وزير الطاقة نجح في إدارة الأزمة عالمياً وإعلامياً، ومن خلال أوبك أيضاً، وحماية حصة المملكة فيها، وأعطى أرامكو مساحة للعمل بهدوء على إصلاح الأضرار وإعادة الإنتاج.
أما شركة أرامكو فتولت الجانب التشغيلي من الأزمة، وجانباً مهماً من الجهود الإعلامية؛ الدولية والمحلية؛ التي ساعدت في إظهار جهودها والرد باحترافية على المشككين.
نجحت أرامكو في معالجة الأضرار والعودة بالإنتاج، ونجحت أيضاً بحشد الرأي العام العالمي والمحلي من خلال ترتيب زيارات لإعلاميين ووكالات أنباء ومحطات تلفزة عالمية، وزيارات لرؤساء تحرير الصحف المحلية ومجموعة من الكتاب والمختصين.
وقوف الإعلام العالمي والمحلي على الأضرار وجهود المعالجة، ومشاهدة عمليات الإنتاج فتح أبواب المعرفة المغلقة في أرامكو للعالم أجمع، وأكسبها قوة وموثوقية كانت في أمسّ الحاجة لإطلاع العالم عليها.
أجزم بتحول أرامكو المؤثر في جانب الشفافية والتواصل الإعلامي، وأحسب أن دخولها ترتيبات الطرح العام، ساهم في إبراز قدراتها الإعلامية الكامنة واحترافيتها العالمية.
يتساءل الجميع عن كيفية نجاح أعداء المملكة في إصابة مجمع النفط في بقيق الذي يمثل قلب صناعة النفط السعودية؟ وهو سؤال جوهري ولا شك، إلا أنهم يتجاهلون السؤال الأهم، وهو كيف نجحت السعودية في تجاوز أزمة الاستهداف المؤثرة في أيام معدودات؟
الأكيد أن من الصعوبة وقف الأعمال التخريبية بنسبة 100 %، غير أن الأهم هو كشف مرتكبيها ومحاكمتهم وأخذ العبر وزيادة التحوط الأمني والقدرة على العودة السريعة بعد معالجة الأضرار.