عبده الأسمري
ليتني قادر على جمع المكلومين والمتظلمين مع مسؤولي الدولة بعيدا عن بروتوكولات المنصب وتسويفات الصلاحيات «المحتجزة «..أتساءل لماذا لا نرى المسؤول بدون بشت وبدون «وفد» يقود سيارته ليطل على مساحة من مسؤولية وزارته «لا نريد بيانا إعلاميا تظهر فيه كلمة معالي أكثر من النقاط» ولا نريد فلاشات نحتاج عملا حقيقيا وحلولا بعيدة عن «المظاهر».
لماذا لا نرى المسؤول يخرج «فضائيا» ليتحدث عن أزمة وزارته وعن أخطائها وعن وعود حقيقية غير تلك التي يكتبها موظفو العلاقات العامة وتوزع وتبروز في إصدارات الوزارة... لماذا لا نرى كل مسؤول في اجتماع شفاف وموضوعي وينقل على الهواء لنرى «المخطئ والمصلح» ونشاهد حلولا واضحة وليكون المواطن في فهم كامل لما يحدث خصوصا في أوقات الأحداث.
من شتى جهات الوطن لدي أسئلة واستفسارات أضعها على طاولة كل مسؤول.. ما فائدة الحكومة الاليكترونية إذا كان معظم المراجعين من كبار السن والنساء الأميات هل تم وضع آلية لإيصال مفهوم التعاملات الاليكترونية وهل تم تخصيص موظفين ليقابلوا هؤلاء العاجزين ومساعدتهم بدلاً من التقهقر بين البوابات والأدوار بحثا عن المعلومة التقنية..
ثمة استفسارات أخرى تتعلق بالبطالة أين نتائج التوصيات وثمار اللجان بين وزارات العمل والخدمة المدنية والتعليم وأين الخطط التي صرفت عليها الملايين..وكيف لا يتم استيعاب الشباب والفتيات المؤهلين.. ما إجابة هؤلاء الوزراء إذا علموا أن حاصلين وحاصلات على الدكتوراه لا يزالون يترددون بشهاداتهم أملا في وظيفة عضو هيئة تدريس بينما الجامعات تستعين ببعض الوافدين الذين قضوا عقودا وهم يسدون ويقفون حائلا أمام المؤهلات والخبرات ما عذر وزارة التعليم تحديدا حيال هذا الملف. وماذا جنينا من لجان الابتعاث سوى إضافة أسماء جديدة بينما يلجأ المبتعثون وأصحاب الشهادات العليا إلى القطاع الخاص بحثا عن وظيفة مرتبها يوازي مرتب خريج ثانوي.
لماذا لا يوظف المسؤولون الزيارات السرية المفاجئة.. لماذا يصرون على جولات المواكب.. إن أراد المسؤول بالدولة معرفة تفاصيل المخالفات والأخطاء عليه أن يزور فروع وزاراته فجأة ليرى أن الخدمات متوقفة والحصول على خدمة أشبه بمعجزة وإن دوائر التعجيز تخنق المراجع في ظل نقص موظفين وتقاعس آخرين وأنظمة باهتة وفساد منظم.
الأمانة لا تستثنى أحدا والمكوث خلف المكاتب والاعتماد على الخطابات والتوجيهات المكررة لا يحل الأمر بل يزيده تعقيدا.. الميدان هو الشاهد الأول والثبات الأبرز لمعرفة السلبيات وعين المسؤول ليست مثل عين من أقل منه فالثاني يداري على منصبه والأول أن ظل مستمعا فستظل الأمور تسير كما هي عليه.
الوطن يمر بمرحلة تحول وتبدل وتغير وكي نوظف الأهداف ونغير النمطية ونبدل الحال لا بد من مشاركة من الجميع في صناعة «المستقبل « بدءاً بعابر السبيل ومرورا بطالب الخدمة وانتهاء للموظف النزيه الذي يرفض السكوت عن «حق» لكشف مفسدة أو إيضاح مظلمة.
ولاة الأمر فتحوا أبوابهم وقلوبهم ووجهوا بأن يتشارك الجميع في تنمية البلاد ونماء الوطن وعليه فلا بد أن تكون كل «وزارة» حسيبة على ذاتها ورقيبة على أعمالها.. فقد مضى «زمن» الانغلاق والتواري خلف «التبرير» والاختفاء وراء «التسويف»..
اليوم الكل شريك في وقف «الفساد» والجميع متشارك في وأد «المظالم» والعبرة بالنتائج والاعتبار بمن يقف صامداً بنزاهته وأمانته في وجه عواصف «المصالح» وأمام عواطف «الأنا»..
ما مضى كان «مرحلة ماضية» وما نحن فيه «مرحلة حاسمة» لا مكان فيها «للتهاون أو «التقاعس» فهنالك مجهر دقيق يكشف «الأخطاء» ويكتشف «التلاعب» ويعطي كل ذي حق حقه.. فأمانة «المنصب» تثبت «مكانة» الكرسي.. وفيما سبق من الحقائق والوقائع «عبرة» تعد دروساً في ميادين «الاعتبارات» ودروب «القرارات».