عبدالعزيز السماري
يعاني الشعب العراقي من الفقر والبطالة وتدني معدلات الاقتصاد، ويبدو الوضع الآن في حالة من الاضطراب، وقد يتصاعد إلى أكثر من ذلك، وقد يكون ما يحدث نتيجة للأبعاد السياسية والطائفية، أو نتائج متراكمة للفساد المالي والإداري، لكن الأخطر من ذلك أن عدوى الثورات والخروج في الشوارع والميادين قد وصلت إلى الشعب العراقي، فقد تهيأت الحالة السياسية للناس للخروج والتعرض للمخاطر واحتمالات الموت والإصابة بدلاً من خيار الموت في حالة من الاستسلام.
ما يحدث في بعض الدول العربية هو أقرب إلى مثال درجة الغليان، والتي تبدأ بمتغيرات متدرجة، إلى أن تصل إلى درجة التفاعل والخروج عن النص، وهناك عوامل مؤثرة، فهذه الحالة البائسة التي تآكل الأخضر واليابس قد تكون يوما ما الحل الوحيد أو طوق النجاة للغارقين في محيط الفقر والجهل، وقد تكون نتيجة لازدياد معدلات الفقر والجهل، وهو ما يدفع المجتمع إلى الخروج والانتحار في سبيل المجهول.
ما يعاني منه المجتمع العراقي كان نتيجة لتسليم هذا البلد العربي العظيم إلى دولة مجاورة، وتوظيف العقل العراقي لخدمة مصالحها، بينما يغرق الناس في البطالة والفقر، وهل يمكن أن يمر ذلك مرور الكرام على شعب كان الأفضل في التعليم والاقتصاد في السبيعنيات، أم يخرجون من أجل كرامتهم وحياتهم التي أصبحت تحت الركام.
في هذا الزمن، تحولت الشعوب إلى قنابل موقوتة، ولهذا تحتاج الدول الواعية إلى مراكز أبحاث تقدم الدراسات عن أحوال المجتمع، وعن درجات عدم الرضا، وعن الحلول الإستراتيجية التي تقلل من نسب البطالة، وتعالج الفقر والجهل في مختلف أحوال البلاد، ولو اختارت السلطات العنف والقوة ستتحول البلاد إلى أرض محروقة ومقسمة كما يحدث في سوريا الآن.
ما يجري في العراق قنبلة من النوع الثقيل، والذي قد يعصف بمن حولها، فالحراك الثوري الشعبي قد يبدأ بسقوط الأوراق، ثم يتوالى السقوط إلى مستويات من السقوط قد لا تحمد عقباها، فالوضع الاقتصادي سيئ للغاية في بلاد تسبح في بحيرة نفط، وهو ما يدفع الناس إلى الانتحار في الشوارع، وذلك دليل أن الطائفية لا يمكن أن تؤسس دولة ذات سيادة واقتصاد، فاهتماماتها تعتمد على تدجين الناس من أجل شعار سياسي مزيف.
كل ما نرجوه أن تعود بلادنا العربية إلى سياسة الحكمة والعقل، وإلى منع أسباب انتحار الشعوب في الميادين، فالناس تبحث عن عمل ومأوي وتعليم أفضل، ويأتي بد ذلك بمراحل السياسة والطائفية، وما يجلب الحزن والكآبة للناس أن الشرق العربي غني بثرواته، لكنها للأسف ضاعت في مهب شراء الأسلحة وبناء الجيوش.
الإنسان العامي لا يحتاج إلى خطب سياسية أو تجييش طائفي بغيض أو إلى أناشيد وطنية، لكنه يحتاج إلى عمل ومسكن، وإلى حالة من الاستقرار يُحقق من خلالها أحلامه وأحلام أبنائه، فهل تدرك البلاد العربية هذه الضروريات قبل أن نتحول إلى رماد.