د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
كان ينظر لوزارة الإسكان بعين التحدي نظراً لما ورثته من خلل هيكلي متجذر أصاب القطاع العقاري الذي كان بعيداً عن تحقيق الأهداف التنموية، وظل فترة طويلة مصدراً للثروة لا غير، وهو ما كان يعتبر أكبر تحد واجه وزارة الإسكان، لكن كان أكبر داعم لها رؤية المملكة 2030 التي قادها ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وهو ما فرض على الجهات الحكومية ذات الصلة على مشاركة وزارة الإسكان في تقديم كل التسهيلات من أجل تنظيم سوق الإسكان المتعلق بتنظيم سوق العقار نفسه الذي ظل فترة طويلة من الزمن في حالة من المضاربة نتج عنه تضخم في الأسعار مما كان له أثر كبير في إعاقة قطاع الإسكان.
إن أول ما عملته وزارة الإسكان إصدار التشريعات اللازمة التي كان يراها إقطاعيو الأراضي تهديداً لهم، لكن إصرار الوزارة أثبت لمن كان يشكك في دورها ويرى تلك التشريعات سقفاً عالياً جداً غير قابلة للتحقق، لكن الوزارة استطاعت بتشريعاتها تلك ضمان دورة تنموية واقتصادية، وجعلت الأسواق تستجيب لمبادراتها وفي نفس الوقت تواجه ضغوطاً من أجل إحداث توازن بين القدرة الشرائية والأسعار بجانب الخيارات الأخرى التي أوجدتها وزارة الإسكان وكانت تصب مباشرة في تحقيق تنمية قطاع الإسكان أحد أهم أهداف رؤية المملكة 2030. ركزت وزارة الإسكان على تنظيم القطاع وبخاصة في الشق المالي منه الذي كان يعتبر العقبة الرئيسية أمام وزارة الإسكان، لكنها استطاعت الانتقال من الوسائل التقليدية إلى استخدام وسائل اقتصادية أكثر إقناعاً للمستفيدين وعليها أن تحقق الوزارة من رفع نسب التملك بين الأفراد إلى 70 في المائة بحلول 2030 وبالفعل استطاعت وزارة الإسكان رفع نسبة التملك إلى 60.49 بحلول منتصف عام 2018 ارتفاعا من 49.91 في عام 2017 بحسب الهيئة العامة للإحصاء.
هذا النجاح الذي حققته وزارة الإسكان كان بسبب معالجتها لكمية التضخم التي شهدتها أسعار الأراضي خلال العقدين الماضيين إذ كانت الأراضي سلعة يتم التداول بها فقط من أجل الحصول على هوامش ربحية مما ساهم في ارتفاع أسعار الأراضي بشكل يفوق القدرة الشرائية للأفراد، في المقابل كان هناك ثراء فاحش لإقطاعي الأراضي، لكن معالجات وزارة الإسكان أدت إلى تغيرات سلوك السوق وتوجيهه الوجهة الاستثمارية التنموية، مما ساهم في تحقيق حلم تملك المساكن للشباب، بينما كان من قبل عند التعامل بالحلول التقليدية لا يمكن أن يحقق الشاب حلمه إلا بعد عقدين من الزمن، لكن الوزارة استطاعت من خلال خلق خيارات تمويلية غير تقليدية استطاعت تجاوز تلك العقبات، وتمكنت من تحقيق السقف العالي الذي وضعته لها، إذ بلغت القروض العقارية التي منحتها البنوك التجارية للأفراد والشركات بنهاية الربع الثاني من 2019 إلى 263.7 مليار ريال بنسبة ارتفاع بلغت 22 في المائة مقارنة بنحو 216.8 مليار ريال بنهاية الربع الثاني من عام 2018، هذا إلى جانب أن الدولة تحملت القيمة المضافة والفوائد للمسكن الأول وتخفيض المقدم إلى 5 في المائة بل بعض البنوك تحول المقدم إلى قرض شخصي بجانب القرض الأساسي.
وتنموياً سيشهد القطاع العقاري طفرة عقارية من خلال إيجاد وزارة الإسكان بيئة سكنية متوازنة ومستدامة من خلال تطوير برامج لتحفيز القطاعين الخاص والعام من خلال التعاون والشراكة في التنظيم والتخطيط والرقابة لتيسير السكن لجميع فئات المجتمع بالسعر والجودة المناسبة، حيث هناك 55 مشروعاً سكنيا بالشراكة مع المطورين العقاريين في مختلف أنحاء المملكة بأسعار 250 ألفاً إلى 750 ألفاً بالتسهيلات التي وضعتها وزارة الإسكان، خصوصاً للمسكن الأول، فوزارة الإسكان أحد قطاعات الدولة تحقق مبادرات رؤية المملكة بكل اقتدار وبسرعة تفوق الخطط التي وضعتها الرؤية.