عمر إبراهيم الرشيد
يقول توماس اديسون عن الإبداع بأنه (1 % إلهام + 99 % جهد). هنا استكمل ما أحببت أن أشارككم فيه عن الإبداع والمبدعين في مقالي السابق، فأورد هنا أبرز عادات المبدعين. للمبدعين أفكار غريبة وغير مألوفة لدى مجتمعاتهم، وهذا طبيعي كونهم يفكرون خارج الصندوق. أيضاً يغلب عليهم قلة الترتيب، في المكتب أو غرفة المعيشة وأحياناً حتى في اللباس وإسحاق نيوتن كان من هذا الصنف. ولدى المبدعين عادة نسيان الأسماء والأماكن، كما أنهم لا يحبون العمل ضمن فريق، ويفضِّلون العمل منفردين وهم ميالون للعزلة عموماً. ومن صفاتهم أنهم عاشقون للجمال متذوِّقون لأطيافه، من طبيعة ولوحات فنية وموسيقى وغيرها. والصبر من أبرز صفات المبدعين إن لم تكن أبرزها، فكيف توصل توماس اديسون إلى اختراع المصباح بعد 260 محاولة فاشلة، إلا بالصبر. وعلى النقيض، فليس لديهم صبر على ما لا يستهويهم لأنهم سرعان ما يتركونه.
وصحيح أن المبدعين نسبتهم قليلة إلى مجتمعاتهم من حيث العدد، إلا أن الإبداع موجود لدى البشر جميعاً، حيث تبلغ نسبة الإبداع لدى الأطفال حتى سن الخامسة 95 %، بعدها تبدأ تلك النسبة في الانخفاض تدريجياً بسبب عوامل ومعيقات تربوية واجتماعية وتعليمية والأخيرة هي الأبرز، خاصة مع نظام التعليم المعتمد على التلقين وحشو المعلومات في رؤوس الطلاب دون إطلاق الملكة الفكرية وحرية الإبداع. لذلك فالإبداع عملية يمكن التدريب عليها وتشجيعها ورعايتها لنحصل على مبدعين في مختلف الميادين. وأود أن أذكر حادثة تدل على وجود الإبداع لدى الإنسان منذ طفولته، فقد مرت شاحنة تحت جسر وكان ارتفاعها إلى الحد الذي احتكت قمتها بسقف الجسر فعلقت الشاحنة ولم يستطع سائقها التقدّم أو الرجوع بها. تجمَّع الناس حول الشاحنة لمحاولة إخراجها من تحت الجسر، ووسط نقاش وأخذ ورد، صادف مرور رجل مع طفلته فكان أن قالت الطفلة لوالدها (لو أنهم أفرغوا بعض الهواء من إطارات الشاحنة لنزلت الشاحنة عن ارتفاعها واستطاع سائقها تحريكها بسهولة! وهنا فكرة إبداعية أتت من طفلة في العاشرة من عمرها، فلا نستهين بتفكير الأطفال ونثبط عقولهم فهم مبدعون، فلنجب على تساؤلاتهم بصبر وتبصّر ولنشجّع فضولهم، دمتم في رعاية الرحمن، وإلى اللقاء.