د.إبراهيم بن جلال
العُقم سمة المُختلين فكرياً، كان ثمار زواج فارسي أرطغولي وآخر حمدي إخواني، ينكشف عند كل حادثة شر يعتقدون أنها وليمة بل وفرصة ثمينة، يمكن من خلالها القفز فوق الدين بأفراخ، هم زُغب حواصل مُعتنقي فكر ضال يأوي الإرهاب أمثالهم، وبالتالي نضج الخلاصة منهم، ومن عنفهم اللابشري... فهل يُعدُّ الإرهابي مُختلاً عقليًا باعتبار أن أعمالة يشوبها الجنون الفوضوي، حتى وإن كان يبدو في كامل قواه العقلية!؟. قد يكون فلا ننسى أن الدواعش تبنت إستراتيجية «الذئاب المُنفردة»، ليتولاها الحرس الثوري وإخوان تركيا والحمدين في نقل المواجهات مع خصومهم إلى عالم افتراضي واهن، عبر تجنيد عناصر تقطن بلداناً آمنة لتقوم بتنفيذ عمليات إرهابية فردية لديه أوهامه التي تتصارع في مخيلته الفكرية، يرى بها أن ما يفعله سليم، وأن فعلته مُثمرة بتأثيرها، وبمن يتأثرون بها، لتأكيد أن العمل لم يكن فرديًا، ولكنه نهج سماوي مُقدس، بلا تقدير للنهايات، فيُبدعون في دراسة النهج الديني، وفي شحن عواطفهم بالكُره، والحقد، ويثقلونها بالتدريب الضال بخبث لا يتوانى، ولا يهتز، لذلك إذا ما نقصت حولهم أمور الرعاية، والحرص، والمعالجة، يصبحون قابلين لقتل أنفسهم، بأي طريقة.
لتُكمن هُنا وحشية التنظيم الإرهابي في تكتيكين شيطانيين، باستقطاب الأطفال والصبية والمنحرفين في بلدان الشرق الأوسط واستدراجهم، عبر الترغيب أو الترهيب، وتجنيدهم وغسل أدمغتهم توطئة لتوجيههم نحو تنفيذ عمليات إرهابية فردية لحسابه، ثم استمالة شباب الغرب ممن يُعانون من اختلالات عصبية أو اضطرابات نفسية، أو من إخفاقات اجتماعية أو اقتصادية أو حتى عاطفية، واستغلال مُستحدثي العهد بالإسلام، وهو الأمر الذي جعل منهم قنابل موقوتة تُفخّخ محيطها أو تحرق منشآت أو تُطلق طائرات مُسيرة ذات أصول خُمينية، لذلك تراهم مُنفذين عُميًا وانتحاريين يتواجدون بكل المجتمعات. ويبدو أن طهران واسطنبول ومن والاهم من تنظيمات خلف الإخوان وأعوانها هم خُبراء نفسيين على مستوى عالٍ من المهنية والكفاءة الإرهابية، بل ومُلمين بأوضاع المُختلّين عقلياً كنصر الله والحوثي الغادر وتنظيم الإخوان أو الدواعش وغيرهم في المجتمعات الدولية. لكن لا يدركون أنه من الصعب بشدة الاعتماد على قتلة، تم تجنيد بعضهم فرادى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتوجيههم من خلال برامج محكمة ودقيقة للتحكم عن بُعد، للقيام بعمليات إرهابية منفردة لحسابه حيث يعيشون، كحوثي اليمن ممن أعلنوا مسؤوليتهم عن حريق بقيق وخريص وما قبلهم، إلا أن الإرهاب بصماته لا تكذب، فالصنع لتلك الآليات المُسيرة فارسية، تفضح هذا التوجه عن الإخفاق العسكري والارتباك التنظيمي، فإنه من جانب آخر، لا يخلو من إشارات تبعث على القلق لجهة قدرة التنظيم الفائقة على التكيف والتحول والتطور والتوسع عالمياً وابتكار إستراتيجيات وتكتيكات غير مسبوقة لمواصلة نشاطه الإرهابي، وهو الأمر الذي كما يتطلب تحركات جماعية دولية متماسكة، لاحتواء تهديداته، وصولاً إلى حلول ابتكارية وإستراتيجيات ناجزة وفاعلة ومرنة لوقف تغلغل ذلك التنظيم الإرهابي حول العالم، واستئصال شأفته من ربوع المعمورة. الفرق عظيم بين أن يخرج مختل عقلي ويطلق النار عشوائيًا على الناس، وبين أن يقوم إرهابي بعد التشبع العقلي والنفسي والتدريبي بتفجير مواقع أو أبرياء أو تسيير طائرات، وكأنهم بلا شك طريقه الأمثل إلى حور الجنة. والإرهاب لا دين له ولا وطن، وكلنا نُشجبُه ونستنكره مهما كان مصدره ومكانه، فهل وعى العالم بعدما انكوى بنيرانه؟!.