د.عيد بن حجيج الفايدي
«الوطن» في اللغة: المنزل الذي يقيم فيه الإنسان.
كم منزل في الأرض يألفه الفتى
وحنينه أبداً لأول منزل
وقو ل الشاعر يؤكد أن للإنسان منازل عدة وأول منزل هو المكان الذي يولد فيه سواء كان جبلاً أو سهلاً أو واديًا، وورد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند الهجرة قال: «والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت»، وورد في كتاب أساس البلاغة. للزمخشري: كل يحب وطنه وأوطانه، وهذه إشارة إلى أن الإنسان له مجموعة من الأوطان، وهذه الأوطان تمثل مجموعة من الدوائر مترابطة ومتداخلة، أول هذه الدوائر هي دائرة المنزل الذي وُلد فيه الإنسان، وهي دائرة صغيرة تختلف من إنسان لآخر لأنها مرتبطة بمكان مولده، ولكن هذه الدائرة الصغيرة هي قلب دائرة أخرى أكبر تشمل دائرة الوطن الذي يحمل الإنسان جنسيته وينسب إليها.
هذا سعودي نسبة للدولة والتي لها حدود جغرافية معترف بها في المحافل الدولية ولها حكومة موكل لها تحقيق المصالح من خلال الأنظمة والتي تحكم العلاقة بين الأفراد والمؤسسات، وهذه الدولة لها انتماء وعاطفة طبيعية لا تتعارض مع الدين.
وبالتالي هو مواطن له حقوق وعليه واجبات، وهذا المواطن يحب وطنه حباً فطرياً غريزياً، وبالتالي فإن عيد الوطن ليس يوماً واحدًا بل كل يوم، هو في الوطن آمنًا مطمئنًا هو يوم عيد، وهذا ما ورد في الحديث النبوي حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم آمنًا في سربه معافى في بدنه وجسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها»، والسرب هنا المسكن أو المنزل الذي هو الدائرة الأولى من دوائر الوطن ودائرة الوطن الكبرى.
فالمملكة العربية السعودية تمتد من الحد الجنوبي إلى الحد الشمالي ومن شواطئ الخليج العربي إلى مياه البخر الأحمر.
هذا الوطن ينفرد بمكانة خاصة وسمات عديدة لم تكن لغيره، من تلك وجود الكعبة وهو بيت الله نسبه الله تعالى إليه وجعله مباركًا وهدى للعالمين، وخصه بوجود الحجر الأسود ومقام إبراهيم وجعله قبلة للمسلمين في صلاتهم ومقصدًا لأداء ركن من أركان الإسلام وهو الحج، والذين شاركوا في خدمة الحجاج أكثر من ثلث مليون مشارك، وهم من المملكة يمثلون تقريباً كل مدن المملكة يشرفون على حشود الحج المختلفة الألوان واللغات عددهم تجاوز مليوني حاج، ينتقلون بين مدن فريدة في العالم والجلوس قصير جدًا من منى إلى مدينة عرفات التي تقدم خدمات في مدة وجيزة.
إذا كان تنظيم حشود كأس العالم تتنافس عليه الدول لتحصل على شرف التنظيم، ويسجل ذلك الجهد بأن تلك الدولة أجادت فماذا يقال للمملكة التي تنظم تلك الحشود سنوياً..
إنها المملكة العربية السعودية التي تشرف على شعائر الحج وتقف بالمرصاد لكل معتدٍ وفي الوقت نفسه تدير عجلة التنمية بكل دراية ومهارة واقتدار منذ عهد الملك عبد العزيز ومن خلفه من ملوك هذه الدولة الفتية إلى عهد الملك سلمان وولي عهده الأمين محمد بن سلمان - حفظ الله الجميع.
ومع ازدياد مكانة هذا الوطن تزداد واجبات المواطن نفسه، فمن الذود عن حمى الوطن والمساهمة في دفع عجلة التنمية والحرص على مكتسباته والتمسك بالقيم والمبادئ الإسلامية والتقيد بالنظام واحترام التعليمات مع الدعاء للوطن بأن يكون شامخًا وسالمًا وآمنًا ترفرف فوق أرضه راية التوحيد إيمانًا بالله وفخرًا بالإسلام، مع همة حتى القمة.