محمد آل الشيخ
حاول القطريون ومعهم أردوغان تسييس حادثة مقتل خاشقجي -رحمه الله- غير أنهم باؤوا بالفشل، وذرت الرياح ملايين قطر من الدولارات التي خصصتها باكراً لاستغلال هذه القضية في التحريض على استقرار المملكة، مثلما ذرت غيرها من محاولاتهم اللاهثة الفاشلة البائسة، ولن أضيف جديداً إن قلت إن المال ذو قيمة في كل مكان إلا في هذه الدويلة المجهرية التي يحكمها رجل مهووس، لا هدف له ولا غاية إلا الإضرار بالمملكة ودول المقاطعة، ثم فلتذهب بلده وليذهب أهل بلده إلى الجحيم. حمد بن خليفة هو الآن رجل معاق، يحكم قطر على كرسي متحرك، وهذا الكائن البشري الذي وصل إلى حكم هذه الإمارة الصغيرة من خلال الانقلاب على أبيه في ليلة كالحة السواد، لا تهمه بلاده وتنميتها، ولا مستقبل أهلها، والتعامل الصحيح مع من في جوارها الجغرافي، بقدر ما يعمل وينفق ويتحالف مع كل ما من شأنه الإضرار بها، وبدولها، وينفق وبسخاء على هذه الغايات والأهداف المجنونة، دونما أيّ عائد يذكر اللهم إلا الحقد والشعور العميق بالنقص. وهو رجل لا يقرأ التاريخ، وإذا قرأه فهو يحتاج إلى من يُفهمه دلالاته وعبره، كما أنه يُخطئ، لكنه لا يعتبر من أخطائه ولا يتعلم منها، فلديه قناعة تدعو إلى الضحك وتستثير السخرية، مؤداها أنه سيجعل من قطر ذات المائة ألف نسمة من السكان والمساحة التي لا تتجاوز الثمانية آلاف كيلو مربع دولة عظمى تمتد من الخليج للمحيط، وفشله في غاياته المضحكة تلك لا بد وأن يكون حتمياً، لكنه رغم فشله يحاول ويفشل، ثم يحاول ويفشل، حتى أدمن الفشل.
جريمة مقتل خاشقجي جريمة شنيعة بلا شك، قام بها أفراد وهم الآن تحت المحاكمة، لكن الذي فات على هذا الكائن الإنساني، الذي يفتقر إلى الحصافة والذكاء والحنكة، أن جرائم كهذه الجريمة، لا تهز دولاً فضلاً عن أنها تسقطها، لا سيما إذا كان العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكومين في منتهى القوة والتجذر والرسوخ، هذا إضافة إلى أن المملكة دولة إقليمية لديها من عوامل القوة الناعمة والقوة الصلبة ما يجعل هزّ استقرارها ناهيك عن إسقاطها، ضرباً من ضروب المستحيل، بل والجنون المثير للسخرية والضحك.
وحمد هذا استغل عقده وكرهه للمملكة كثيرون من الأفاكين والمحتالين ومن لفظتهم مجتمعاتهم، وبالذات جماعة الإخوان المسلمين التي فشلت تجاربها السياسية في كل البلدان التي وصلوا فيها إلى السلطة، وآخرها حركة النهضة الإخوانية، أضف إلى ذلك حاكم تركيا أردوغان، الذي استغل بخبث ودهاء عقدة نقص حمد تجاه المملكة، وصار يثير من الزوابع الخنفشارية ما يرضي بها عقده وأحقاده، ويتقاضى مقابل ذلك من خزائن قطر المال الوفير.
وليس لهذا الكائن البشري الذي يمسك بتلابيب السلطة شبيهاً في العصر الحديث إلا معمر القذافي، الذي ترك ليبيا وأهل ليبيا، وراح يبحث عن إمبراطورية (تشترى) بالمال يتربع على عرشها.. وأكاد أجزم أن مآل القذافي الذي انتهى بقتله سيكون قطعاً مآل هذا الإنسان الذي يجسد تصرفاته قول الشاعر:
كناطح صخرة يوماً ليوهنها
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعلُ
إلى اللقاء،،،