فهد بن جليد
لا يوجد تفسير منطقي لوصول إعلانات على هاتفك المحمول، أو بريدك الإلكتروني، أو وسائل التواصل الخاصة بك عن مُنتجات ومواضيع وقصص تهمك وكنت تبحث عنها في (قوقل) مُسبقاً أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، سوى أنَّك تحت الأنظار والمُراقبة طوال الوقت، وهناك من يتتبع خطواتك ومشاريعك وحتى أفكارك التي لم تبح بها لأحد، بعض المواقع على الويب تستخدم (أكواد التتبع) لاستهداف الزوار وتعقبهم بمزيد من الرسائل الدعائية والإعلانات حول اهتماماتهم -قد يبدو الأمر تسويقياً- ولكن ما الذي يضمن عدم استخدام الميزة لأغراض أخرى؟ إضافة لما تقوم به منصات التواصل الاجتماعي من تشارك بياناتك مع أطراف أخرى لا تعلمها، ولعل في العالم قصصاً سابقة حول هذا التشارك في الاهتمامات والرغبات وربما صنع وتوجيه الرأي العام مثل قضية فيسبوك الشهيرة في الانتخابات الأمريكية.
المؤرِّق -برأيي- ليس في ما مضى من الوقت، كنَّا فيه تحت أنظار تلك المنصات، وهي تجمع المعلومات عن أفكارنا ومراسلاتنا ومُحادثاتنا وعلاقاتنا وظروفنا الاجتماعية والأسرية ... إلخ، السؤال الكبير والمهم هنا هو: من سيتشارك معها للحصول على معلوماتنا؟ ولماذا؟ وكيف سيتم استخدام بيانات الأفراد والمجتمعات في المُستقبل؟ وهل هناك بالفعل سبيل وخطوات إلكترونية للاشتراك في المنصات والاستفادة من خدماتها دون المساس بخصوصيتنا يجب توعية الناس بها بشكل كبير؟ وعلى من تقع مسؤولية توعية الأفراد والمجتمع؟
بالأمس تحدثنا عن (انتهاك الخصوصية) الذي تنتهجه منصات التواصل الاجتماعي -دون مخالفة القانون- بسبب موافقة المُستخدمين المسبقة، وضربنا مثالاً بموعد تفعيل السياسة المُحدَّثة لـ(سناب شات) في 30 أكتوبر الحالي، المؤذي أنَّه يتم التعامل مع المُستخدمين في أوروبا ودول أخرى بشكل مختلف عنا، تحت بند (المُستخدمون في الاتحاد الأوروبي) أعلن فيه عن حق تعطيل عملية التجسس والمُراقبة، وتخفيف عملية تشارك المعلومات والبيانات والاقتحام هذه، من خلال منح المُستخدم حق الحذف والتصحيح والوصول والتحكم (بنص سياسة الخصوصية) وبشكل ولغة أوضح من تلك المستخدمة معنا، والتحدث معه كمُستخدم مُستقل بصراحة أكبر عن عملية الاستخدام تلك بالطُرق الشرعية وبالتبرير لكل خطوة، إضافة لحق الاعتراض والشكاوى بموجب القانون المعمول به في أوروبا.. هذا نموذج واحد يؤكد أنَّ الخصوصية (أكبر كذبة) في وسائل التواصل الاجتماعي يتقاسمها المستخدمون والمشغلون على السواء، تعيدنا (لنظرية المؤامرة) من جديد حتى لو لم نؤمن بها!
وعلى دروب الخير نلتقي.