د.عبدالعزيز العمر
تشرفت بحضور محاضرة ألقاها تربوي مرموق، وفي أثناء المحاضرة شد انتباهي تكرر ورود عبارة «مصانع الرجال» وكان ذلك في إطار مديح عمل الجامعات ومدارس العليم العام. استوقفني هذا الوصف لسببين، أولهما التحيز الواضح للرجال، كما لو كانت المدارس والجامعات لا (تنتج) سوى رجال، رغم أن نصف الحضور كان من النساء، ممن تخرجن من جامعات مرموقة، هنا قد يكون لأساطين وفلاسفة اللغة العربية تخريجهم لمسمى «مصنع الرجال» دون ذكر للنساء، كما استوقفني أيضاً في المحاضرة وصف الجامعات والمدارس بأنها (مصانع)، في أدبيات التعليم الغربية يرد مصطلح (مصانع) في إطار الانتقاص والتقليل من أداء المدارس والجامعات.
معلوم أن المصنع -أي مصنع- يحرص على إنتاج قطع متطابقة تماماً، ويتم إعداد وتنظيم خطوط الإنتاج لتحقق هذا الغرض.
وعندما ينتج المصنع قطعة مختلفة عن بقية القطع، فإن هذا يعد عيباً مصنعياً يجب إصلاحه.. في المقابل لا يوجد عاقل يرضى بأن تكون مخرجات الجامعة نسخاً متطابقة. وعندما يحدث ذلك فإن هذا يعني أن الجامعة لم تستجب للاحتياجات الخاصة بكل طالب، ولم تستثمر ما يمتلكه من طاقات وإمكانات تميزه عن غيره من الطلاب. بدلاً من ذلك تضع الجامعة جميع طلابها على خط إنتاج موحد (برنامج دراسي) لتضمن تطابق مخرجاتها، وإذا تبين أن أحد طلاب الجامعة قد يخرج عن السائد العام المألوف (Norms) عند تخرجه، فإنه يتم اعادته إلى خط الإنتاج لمعالجة جديدة.