فهد بن جليد
بعيدًا عن الهوس (بنظرية المؤامرة) التي تسيطر على العقلية العربية منذ وقت مبكر في معظم مناحي الحياة، نحن اليوم نشهد أكبر عملية تجسس على الأفراد والمجتمعات في التاريخ.. شئنا أم أبينا نحن مراقبون طوال الـ24 ساعة من قِبل برامج التواصل الاجتماعي التي اقتحمت خصوصيتنا، ليس بسبب سلوك بعض (المستخدمين) الخاطئ وتطفلهم فقط، بل هذه المرة بسبب (المشغِّلين أنفسهم) الذين بدؤوا الاعتراف واحدًا تلو الآخر بطرق (التجسس) المعلنة التي ينتهجونها منذ إطلاق هذه المنصات. ليس عندي تعريف أبلغ وأدق من كلمة تجسس؟ فكيف يمكن وصف اختراق معلوماتك الشخصية، وتتبُّع اتصالاتك ورسائلك، وتفحُّص صورك الشخصية والمعلومات المخزنة في جهاز هاتفك، ومعرفة محتويات بريدك الإلكتروني، وتعريفك الشخصي، وموقع الشبكة التي تستخدمها، ومعلوماتها، والأشخاص الذين يستخدمون معك هذه الشبكة في الوقت ذاته.. إلخ من طرق وخطوات التجسس عليك، التي وافقت عليها تحت بند (سياسة الخصوصية)؟
لنأخذ (مثالاً واحدًا) على ما يحدث: سناب شات ضرب موعدًا جديدًا في 30 أكتوبر الجاري لإطلاق وسريان سياسة الخصوصية المحدثة، وبدأ في إرسال (بوست) للمستخدمين العرب، يفيد بتحديث سياسة الخصوصية، وأن الاستمرار في استخدام التطبيق يعني الموافقة تلقائيًّا على ذلك (لا أحد منا يملك حق الاعتراض والاستخدام معًا). برأيي، إن (سناب شات) هو (أعقل المهبَّل) على وسائل التواصل الاجتماعي، أي أكثر المجانين تعقلاً -إن جاز لنا التعبير- فقد كتب سياسته وأعلنها باللغة العربية مستخدمًا عبارات صريحة وواضحة، مثل (نجمع معلوماتك الشخصية) من ثلاث طرق (المعلومات التي تقدمها - ما نحصل عليه عند استخدام خدماتنا - معلومات نجمعها من جهات خارجية)، نقوم بتحليلها ومعرفة الاتجاهات وتشاركها مع أطراف أخرى، يمكننا الوصول إلى دفتر أرقام هاتف الجهاز، الكاميرا والاستديو والصور، معلومات عن كيفية استخدامك؟ ما هي الصور التي ترسلها؟ مع من تتحدث وتتواصل بشكل دائم؟ ما هي أهم الموضوعات والقصص التي تتشاركها مع الآخرين حتى لو برسالة خاصة.
أي إنك حتى لو لم تنشئ قصة عامة ستخضع لهذه السياسة بمجرد تحميل التطبيق واستخدامه. هذه المعلومات المؤذية والمهددة لكل ما يحويه جهازك.. ربما لو فهمها المستخدمون بشكل صريح وواضح، واستوعبوها جيدًا، لتوقف معظمهم عن الاستخدام فورًا.
يتبع غدًا
وعلى دروب الخير نلتقي.