صقيعٌ شديدٌ شتاءً يسكنُ أضلعك تشعرُ بأنَّ ممرات صدرك تجمَّدت.. وكأنَّ لا علاقة لك بالعالم من حولك.
مشاعرُنا هي الفصل الذي نعيشه مهما كانت سماؤنا.
قد تُمطر في قلبِك والسماء لا يوجد بها طرف غيمة، وقد تجدب نفسك والسماء منهمرة.
ما نشعرهُ هو ما نعيشهُ مهما بلغ بنا التَّأقلم مبلغه نظلُّ تحت تأثير فصولهم وفِي يد كلماتهم ورحمة تصرفاته.
كيفما قالوا نكون، وكيفما تصرفوا نحيا.
هكذا نحن عندما نُسلم لكننا نُسلم بمحض أرواحنا طوعاً لا كرهاً.
ينثني داخلك بكلمة وترقصُ روحك بأخرى؛ تبرد وتدفأ بهم.
حتى أنني أرى روحي في جوف يدك وعلى ممرات عروقك وفي انحناءاتِ رسمها يميل قلبي ويستقيم.
كيف لنا أن نشرق بأحدهم ونغربَ به
ثم كيف له أن يكون مطراً وفرحاً وزهراً وألواناً وموسيقى، ثم يمكنه أن يكون جفافاً وحزناً ويباساً وسوداً وندبا.
هو نفسه لكن كيفما يفعل بك أنت تشعر.
زملني... لينصهر جليد الحياة من فوق صدري وتذوب قطرات الثلج من على شبابيكي، وتنطفئ المدفأة وتعود الطيور تحوم كما كانت، ويبرد فنجان الزنجبيل.
زملني... لتكون أطرافي على ما يرام ليستقيم ظهري وأخلع معطفي، وأرتدي فساتيني الحريرية وأُراقِصُك.
زملني... لتكون الفصولُ الأربعةُ ربيعاً متربعة في جوف نفسي كما أحب، والسماء غيماً، والأرض خضراء يعبرها وردٌ أصفر أو كما تُحب أن يكون يكون.
زملني... لأكون قوية لا أبكي كما يجب ولا أحد يستطيعني، وأتحدث بكل طلاقة أنت نفسك تحبها.
زملني... لينتهي بي البرد لصيفك ليكون للشمس شعاعاً بنفسجياً والنهار كما لو كان خاماً مخملياً.
زملني... لأنجح أكثر وأكبر أكثر وأكون أكثر.
فكل ما نحن عليه مما نودهم، وأنا «أودك»!
عندما ننسى ماكنا عليه ونتجاهل مايؤلمنا، ويمكن لكلِّ وجع أن يعبرَ، وكلِّ مشكلة أن تُحلَّ.. وكلِّ فراغٍ أن يمتلئ، وأنَّ الأيام تمضي بسلام عندما تشعر أنَّ في صدرك بستاناً من السماحة ونهراً من العسل وأنَّك تتنفس عطراً؛ فأنت في ودِ أحدهم.
كلما فُلتت أيدينا من شدة التعب قَبَضَت عليها أيدي محبتهم، وكلما كان الطريق شوكاً لا يُعبر عُبِّد بضحكاتهم.
الانسياق الجميل حظٌّ، فكلّ ما يجري من حولنا يُسخَّر لنا لأننا نراه من خلالهم.
وكلُّ ما كان من خلالهم مُسخرٌ سَهلٌ وممكن أن يصير.
هم من نحبهم دون أن نعلم كيف حدث.
من أعطانا الله إيَّاهم على شكل بشر،
وهم العوض وهم الرزق وهم القمر...
كلُّ مَن يشعرُ بصقيعِ روحه في صيف الدنيا «زملوهم»
لا يستحق كُلَّ هذا الرجاء فالأمر أشبه بالحياة بعد الرضا.
زملني... لترضى الحياة، ويرضى قلبي ويكون كل شيء في ثنايا الدفء راضٍ..!!
** **
- شروق العبدان