عرض وتحليل - حمد حميد الرشيدي:
(رباعيات الجنيبي) هي أحدث إصدار شعري، صادر هذا العام 2019م عن (دار رواشن ) للنشر بدولة الإمارات العربية المتحدة للشاعر الإماراتي الدكتور/ طلال الجنيبي. ويتضمن هذا الإصدار ما يقارب 80 قصيدة رباعية، تناولت أغراضًا شعرية متنوعة بين الوصف والحكم والتأمل والغزل، وغيرها من الأغراض الشعرية الأخرى، التي يمكننا أن نطلق عليها اسم (شعر المواقف) أي تلك اللحظة التي تأسر الشاعر تجاه موقف معين مر به، أو مشهد رآه فتأثر به، وسرعان ما ترجمه إلى شعر، على شكل (رباعية) أي مكونة من أربعة أبيات فقط، تصف مشاعره إزاء مثل هذه المواقف أو المشاهد التي تعرض لها. وتأتي هذه الرباعيات إما (ذات قافية واحدة) في عجز كل بيت من أبياتها الأربعة، أو (ذات قافيتين) بحيث يكون لكل من الصدر والعجز قافية مختلفة.
ومثال (الرباعيات ذات القافية) الواحدة -وهي الأكثر شيوعا في الديوان- قول الشاعر من قصيدة بعنوان «نبرة الألم»:
تدلت نبرة الألم المباحِ
على وجع تناغم في جراحي
ونامت كل أطرافي فلما
أفاق الحلم أفسده صبـاحـي
تمادت رغبتي وتعاهدتها
أهازيـج على أمـل ارتيـاحِ
فألقتــني ممددة عليها
بلا حـول لتعصف بي رياحي.
الديوان: ص93.
أما الرباعيات (ذات القافيتين) فمن أمثلتها قوله من قصيدة جاءت تحت عنوان «لوحدي»:
لوحدي أعيش وحولي الجميعْ
وغيري يذوق شعور السمرْ
فإن لم أجبني فمن يستطيــعْ
وإن لم أجبهم فمـن ينتـظـرْ؟
أسافر رغم اشتداد الصــقيــعْ
وأرجع رغم هطــول المـطـرْ
فلا القرب يفهم عودي السريعْ
ولا البعد عن هجــره يعتذرْ.
الديوان: ص57
وفي كلا الشكلين اتسمت لغة الجنيبي الشعرية بسلاسة المفردة وعذوبتها، وببساطة تركيب الصورة، وبالاختزال الذي يعد من أهم خصائص هذا النوع من الشعر، القائم على الإيجاز والاقتضاب، وعلى تكثيف الفكرة إلى حد كبير، بحيث يمكن إيصالها للقارئ أو السامع بأقل عدد ممكن من الكلمات.