هُنا حيثُ يجتمع أبناء القرية، في انتظار الحافلة التي تأخذهم إلى المدينة في هذا الموعد من كل أسبوع، جلس الشاب على طرف مقعد خشبي قديم، فيما أخذ الأب يتفحَّصُ الوجوه، ويصطنع الحديث مع المنتظرين الذين يدرسون أو يعملون في المدينة، تَحدَّث مع أكثرهم، وفجأة أخرج مسدسًا من تحت قميصه، توجَّس بعضهم، وتبسَّم آخرون؛ استجمعَ ما بقي لديه من مهارة عسكري قديم؛ صوَّبه في مشهد تمثيلي نحو علبة صغيرة غير بعيدة، أصابها بثقة، ثم استدار إليهم: «من يجرب؟» قفزَ إليه بعضهم، وتردد آخرون. «ليس لديَّ إلا أربع رصاصات، من لا يصيب العلبة يدفع عشرة ريالات قيمة الرصاصة». وافق بعضهم، وتراجع آخرون، وانتهت المحاولات الأربع بأربعين ريالاً في يده، مسح المسدس ولفه في منديله، وأعاده تحت قميصه، ثم دسَّ الأربعين في جيب ابنه وانصرف.
** **
- إبراهيم مضواح الألمعي