حوار - مسعدة اليامي - منطقة نجران:
عن الرواية وخاصة الرواية النسائية ورواياتها الأولى وادي المؤمنين التي تعدها من وجهة نظرها رواية توثقية لمرحلة تستحق أن تقدم للأجيال رواية زاوجت ودمجت ما بين البساطة في سلوك الإنسان وقسوة الطبيعة التي كانت تعصف بحياة الأحياء البشرية خلال ذلك الوادي الذي كان أثناء غضبه وثورته يبتلع بدون هوادة أو رحمة كل ما كان يقترب منهُ إلا أن الحياة بعد الليل الحالك على ضفافه تورق بنسمات الحب وأن كانت قليلة - ضيفة اللقاء هي الكاتبة والقاصة والروائية فاطمة آل تيسان.
* قراءتك للرواية النسائية السعودية في السبعينات والوقت الحالي من ناحية الكثرة وجودة العمل الفني ؟
الطرح الروائي أكثر غزارة حالياً وأكثر تنوعاً, ونستطيع القول إن هناك جودة فنية بالفعل, هناك أعمال روائية في فترة السبعينات جيدة ولكن مع تطور المجتمع وزيادة الوعي المعرفي, وتعدد القراءات, وتنوع مصادرها كل ذلك أسهم يشكل كبير في نضوج الأعمال الروائية النسائية, وبروزها أما المرحلة الحالية وما قبلها التسعينات, وبداية الأليفة شهدت أعمال متميزة لأسماء نسائية.
* روايتك الأولى وادي المؤمنين من النوع الروائي القصير ما هدفك من تلك الرواية ؟
توثيق مرحلة من حياة أهالي قرى وادي العرض تكاد أن تندثر وتطوى دون أن يعلم عن جماليات تلك المرحلة أحد خصوصا وهي تحمل في ثناياه حكايا, وقصص تستحق أن توثق وتروى للأجيال
* سُرد في الرواية بعض السلوكيات القديمة التي يُقدم عليها الإنسان جراء التجربة أو الفطرة مثل (التسفيل) وغيرها حدثينا عن ذلك ؟
الإنسان في تلك المرحلة بسيط, وشفاف لم يدخل في تعقيدات الآلة, الأسطورة والغيبيات تشكل جزءا هاما من حياته, وكثيراً ما تنسج الحكايات حول ذلك الأمر, و(التسفيل) كان شائعا لدى البعض لكن ما لا نستطيع إثبات حقيقة ما يقال عن الشخص الذي يدخل في تلك الحالات من مقابلة أرواح الأشخاص المتوفين وأخذ رسائل عنهم موجهة لذويهم, إضافة إلى ما يقال إنهم يخبرونه عن حياتهم الأخروية, ومن يتوقعون أن يلحق بهم من ذويهم, كان هذا الأمر مشاعا بين الناس قديماً, وفي جهات عديدة من شبه الجزيرة العربية توجد قصص مشابهه حد التطابق فيما يتعلق بظاهرة (التسفيل).
* ألمحت في الرواية عن العزاء و الصرم وغيرها من المناسبات التي تُحف بالأهازيج الشعبية الجميلة ما سبب عدم ذكر شي من تلك العبارات و الأهازيج ؟
مع الأسف لم استطع الحصول على قصائد أو مفردات تلك الأهازيج الأصلية التي لم تتعرض للتحريف , وربما ضعف التدوين وصعوبة التواصل مع كبار السن الذين لازالوا يرددون هذا الأهازيج بمفرداتها الأصلية كان سببا قويا في عدم التوسع في ذلك.
* في الرواية قُتلت قصص الحب مثلما يقتل السيل ضحاياهُ فما السبب في ذلك؟
لم تكن هناك قصص حب قوية تستحق الذكر في تلك المرحلة التي كتبت عنها وربما السبب يعود إلى انشغال الناس بتوفير مصادر العيش الشحيحة, ومكافحة الأخطار المحدقة بهم, والتي كانت تهدد حياتهم في كل موسم سواء كان صيفاً أو شتاء.
* ما سبب عدم تقديمك روايتك في ورقة عمل بالنادي الأدبي بنجران وخاصة أنها غنية بكثير من المواضيع التاريخية والإنسانية ؟
في الفترة التي وجهت لي دعوة لتقديم ورقة عن روايتي كان وضع المنطقة لا يسمح بحكم الأوضاع التي صاحبة بداية عاصفة الحزم, وعدم تواجد جمهور كبير يمكن أن يحضر, ويتفاعل مع ما يطرح, وذلك بسبب تواجد البعض خارج المنطقة.
* أنوي أن أقرأ روايتك في ورشة لمرحلة من المراحل الدراسية فأي مرحلة تعليمية تنصحيني بها ولماذا؟
أفضل المرحلة الثانوية أو الجامعية فهن أصبحن قادرات إلى حد ما على فهم المصطلحات واستيعاب فكرة القراءة الروائية بحكم دراسة مادة الأدب في تلك المرحلة, وبداية التذوق الأدبي, وشغف القراءة لدى البعض منهن
* أبطال الرواية كثر بما فيهم المكان وادي العرض ما الغاية من ذلك ؟
حقيقة كل شخوص الرواية من وجهة نظري أبطال وأسهموا جميعهم في تكوين ثيمة العمل ولم استطع حقيقة أن أغلب صوت أو عنصر أو شخصية على غيرها وإنما تركت الحرية لكل شخصية في تقديم حقيقتها من خلال الأحداث فكانوا هكذا.
* الرواية ما بين السرد القصصي وكتابة المقال التوثيقي ماذا تقولين عن ذلك؟
من وجهة نظري وكوني كاتبة مقال لا أرى العمل كذلك ربما كثافة الأحداث والشخصيات التي احتشدت في مواضع معينة, وبسرد قريب للواقعية مع ضعف الخيال جعل البعض ينظر لها كذلك, لكن من منظوري ككاتبة للعمل أصنفها عملا روائيا.
* هناك متعة في أن تكون الرواية على لسان البطلة ما سبب ذلك التغيب؟
رأيت أنني قد أظلم شخصيات أخرى تقاسمت دور البطولة مع البطلة, ومن العدل أن أنصف الجميع لذلك جعلت صوت الراوي هو المتسيد, وبذلك جعلت كل الشخصيات تجتهد في إظهار ما لديها
* قراءتك للحركة الثقافية للمثقفة بمنطقة نجران وهل قُدم لهن من المؤسسات الثقافية ما يخدم حضورهن وتواجدهن داخل وخارج المنطقة ؟
رؤيتي تفاؤلية بأن هناك تغييراً قد يحدث ليفسح المجال لمن لديها موهبة حقيقية في الظهور, لاشك أن غياب الدعم من جانب المؤسسات الثقافية والمجتمع المحيط ساهم في ركود الحراك الثقافي بل, وانعدامه, ولكن الموهبة دائما ًتفرض نفسها, وتسجل حضورها في الداخل والخارج.
* لعبة الكراسي من أجمل الألعاب و أنت ممن جلس على كرسي اللجنة النسائية بنادي نجران الأدبي لن أسألك عن ماذا قدمت أو ماذا فعلنا من كن بعدك ولكن سؤالي هو ما هي تطلعاتك في ظل وزارة الثقافة الجديدة ؟
لا شك أننا سُعدنا باستقلال الثقافة في وزارة مستقلة, وسعدنا أكثر بما أعلنته من رؤية مستقبلية تنوي العمل عليها للنهوض بالمستوى الثقافي للمملكة ليواكب التطور في الجوانب الأخرى, والحقيقة أن جميع الأهداف تصب في مصلحة المثقفين بشكل عام, ونحن بدورنا نتطلع أن تشمل وزارة الثقافة جميع المثقفين بالدعم وخاصة من يتواجدون في مناطق الحِراك الأدبي, والثقافي فيها نادر إلى معدوم.