تغيّر نمط الصحافة والإعلام خلال انتشار مواقع التواصل الاجتماعي في عالم الشبكة العنكبوتية منها الواتساب وتشكيلاته في مجموعات مختلفة منها «قروب» الإعلاميين والمثقفين والقبائل والرياضيين وقد حاولت جاهدا أن أقرأها من منظور إعلامي يحتمل الأمرين، وكذلك تطرقت في مقالات سابقة متعمقة في الصحف الإلكترونية ما لها وما عليها حاولت سبر أغوار محرريها بشيء من الحذر غضب مني كثير ورضي القليل وأصدقكم القول كنت فرحا كثيرا بمن ينتقد ما أكتب مع سعادتي بمن تلقّف مقالاتي حول الإعلام الجديد بشيء من الرضى لقناعتي الهامة بجدية ما أطرح ولأني أكاد أجزم أني من ضمن المحاولين القلة الذين يقرؤون منصّات التواصل الاجتماعي إعلاميا فأهل مكة أدرى بشعابها ...
هذا النمط صنع لنا في حياتنا الاجتماعية حالة عجيبة وغريبة لا نعرف كنهها ولا ماهيتها، مما أفرز ما يسمّى بالسناب شات والذي أغلبه هياط في هياط استعراض وجهي على حساب المحتوى بمعنى اهتمام شكلي لا ضمني !
سأناقش في مقالي هذا أيها القرّاء الأعزّاء السناب شات من خلال ثلاثة محاور أراها مهمة:
الأولى «بنية الكلمة واصطلاحها»
طبعا سناب شات تتكون من كلمتين غير عربيتين هما:
سناب: في تعريفات كثيرة في المعاجم العربية تعني العضّ، وطقّه، وطقطق وهكذا ولكني في الحقيقة مِلْت إلى معنى يصادفه مع توجهي في هذا الموضوع بالذات وهو:
السَّنِبُ: من الخيْل: الكثيرُ الجرْي الجوادُ والجمع. سُنُوبٌ وهنا نقطة مهمة في هذا التعريف وهذا ما نشاهده عيانا بيانا في كثير من أصحاب السنابات فهم يضعون شاشات هواتفهم أمام أعينهم ويمررونها للمتابعين مع سرعة هذه الشاشة ومن يحملها من سرعة في ثوان معدودة ...كأنهم في سباق !
وشات وتعني: في مجمل التفسيرات لها الثرثرة الحكائية هنا فيما بين المعنيين سناب شات والتي جمعتهما لتكون (جري الثرثرة) فإما يكون جريٌ بثرثرة مفيدة أو لا مفيدة مجرد استعرض هياطي وهناك فرق ما بين الصفتين !
الثانية: «المُسْتَخْدِم والمتابع»
هذا المستخدم يقع عليه العبء الكبير في جرّ نقّاله -جواله - لأحداث يريد تسجيلها ولاحق قد يبع في المناظر التي صورها فوتغرافي أو مقطعا مصورا ولكن ما أن يثرثر يصبح عالة على كل من يسمعه أو يشاهده لأنه باختصار مجرد مهايط والأغلب يقول في نفسه حين يسمعه.. «ليتهم ..ليته سكت « فالاهتمام بالشكل أصبح سمتْ السناب على حساب المحتوى المهترئ من الداخل ومن الخارج وهذا يعني أن المُسٌتَخْدم فارغ من الناحتين لا ثقافة ولا لباقة !
أما المُتابِع:
فحين تصدم بأن الغالبية من متابعي السناب شات جري الثرثرة من الشباب تدرك حجم الخطر القادم على عقولهم وربما تدخل في حبّ الوطن تعبيرا وهذا لا يعني أني أقصد الخيانة لا والعياذ بالله ! لكني أقصد حين يريد أي ثرثار بسنابه أن يقول شيء عن منجزات وطنه تخونه الكلمات ولا يستطيع أن يُعَبّر لأنه باختصار فارغ فكريا وثقافيا طبعا البعض وليس الكل وإن كتب أو تحدّث تدرك حجم الكوارث اللغوية البسيطة والأخطاء الإملائية ووووو حين يكتب أو يتحدث ينكشف القناع وتزال المساحيق !
الثالثة «لماذا المليونية ؟!»
حين تسمع السنابي الثرثار حين يجري بهاتفه جري الوحوش وتنظر لعدد متابعيه المليونية تستغرب وتضرب أخماسا في أسداس وتقول (معقولة ؟!) وحينما تسمع من يؤكد ذلك ب(قسم)
أين الخلل كيف تستطيع أن تثبت أن صاحب السناب يستحق كل هؤلاء المتابعين؟! وبنظرة سريعة خاطفة تدرك ربما أن هناك بعض الشركات الربحية تهمها هذا السنابي الثرثار تستغله ويروج لإعلاناتها وتعطيه حفنة من الأموال التي لا تساوي شيئا مع أرباحهم المليارية.
ولا يهمهم جودة المنتج وخطره على مستخدميه.
الشيء الأخير الذي أحبّ أن أضيفه هنا هو أصحاب الفعاليات والمناشط الثقافية والسياحية والرياضية والأدبية ... -البعض طبعا - يوجّهون هذه الدعوات لأصحاب السنابات التافهة الثرثارة المتسلقة ويصعدون على أكتاف أصحاب القلم والإعلام المشاهد والمسموع والمكتوب الذين إن حضروا ففي نظرهم تكملة عدد وإن غابوا فعندهم السنابيون الذين يثرثرون بمالا يعرفون !
** **
- علي الزهراني (السعلي)