ما هي النازية؟ وكيف ولماذا ظهرت؟ وهل هي ضرورة تاريخية لا بد منها؟.. بالرغم من أن النازية هي تسمية مأخوذة من كلمة (Nationalisozialismus)؛ أي (الاشتراكية القومية)؛ إلا أنها لا تمت للاشتراكية بصلة!. النازية هي: النزعة للهيمنة على العالم من طرف واحد؛ ونهب ثرواته.
أما كيف ظهرت النازية ولماذا؟ فذلك يتعلق بطبيعة النظام الرأسمالي، حيث إن هذا النظام يتطلب استمرارية في زيادة الرأسمال، وإلا فمصيره الهلاك!. وقد اندلع التنافس «غير النزيه» داخل كل دولة رأسمالية، ومات الضعيف وازدادت ثروة القوي، ثم تحول الصراع من تنافس داخل الدول إلى التنافس بين الدول الرأسمالية ذاتها للهيمنة على العالم. وهذا دليل قاطع، بأن الحروب والقتل والدمار؛ أي النازية أو الفاشية، هي ضرورة تاريخية للنظام الرأسمالي!.
الحرب العالمية الأولى أعطت مجموعة من الدول الرأسمالية؛ بدون وجه حق؛ الفرصة لاستعمار الدول النامية، لأنها كانت هي الأقوى ولكن بنسب مختلفة حسب مقدار قوة كل دولة. ولم يكن التقسيم ممكناً بغير تلك الطريقة، فاللصوص لا يعرفون العدالة؛ بل يسطون على غنائم بعضهم البعض؛ وقد يدمرون بعضهم إن تتطلب الأمر. وهذا بالذات ما هيأ الظروف لظهور؛ وجهي العملة؛ «النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا» لإعادة توزيع الهيمنة الاستعمارية.
لقد استطاعت نزعة الهيمنة تلك إعادة توزيع «القوة» في العالم إبان الحرب العالمية الثانية، ولكن ليس لصالح هتلر الذي أراد أن يستولي على كل شيء، ولا لصالح دول الحلف التي «حاولت» صد عدوانه!، إنما لصالح دولة لم تخسر بتلك الحرب سوى القليل؛ مقارنةً بدول الحلف؛ أي الولايات المتحدة الأمركية!. وقد استغلت أميريكا هذه الفرصة الذهبية، وبسطت هيمنتها «الأحادية» على العالم، وتمددت «نزعتها» حالياً للهيمنة حتى على حلفائها الأوروبيين!. ولكنها نسيت أن من أوقف الحرب العالمية الأولى وثبت مبدأ حق الأمم في تقرير مصيرها هي ثورة أكتوبر، ومن قضى على النازية والفاشية هو الاتحاد السوفيتي السابق!.
هل تريد الشركات الأميركية عابرات القارات حالياً إذن التحالف مع الاتحاد «الصيني الروسي» لتحويل أوروبا إلى مستعمرات أمريكية؟ أم تريد تحويل العالم؛ بما في ذلك روسيا والصين إلى مستعمرات؟
لقد استخدم هتلر مقولة «الجنس الآري الأرقى» لإقناع شعبه في خوض الحرب، فماذا تستخدم الولايات المتحدة من أكاذيب حالياً لإقناع الشعب الأمريكي بـ»نازيتها الجديدة»؟ هل تستخدم مقولة أن «إرادة الولايات المتحدة لا راد لها -والعياذ بالله»؟ أم التهديد الأجوف بالعقوبات الاقتصادية؟ ولكن الحرب العالمية الثالثة، التي تخوضها الولايات المتحدة حالياً، قد قادتها من فشل إلى آخر، وبدأ الفشل يطاردها حتى في الداخل الأميريكي!. فليس مهماً أن يتجدد عهد ترامب أم لا؟ إنما المهم أن لا تموت الولايات المتحدة كما مات هتلر منتحراً، وهي بالضرورة مدعوة للتصالح مع نفسها ومع الدول الأخرى لتثبيت التعايش السلمي، فهل هي قادرة على ذلك؟.
** **
- د. عادل العلي